[وفي هذه السنة حج  الوليد بن عبد الملك]   
حج  الوليد بن عبد الملك .  قال  الواقدي:  حدثني موسى بن أبي بكر ،  قال: 
حدثنا  صالح بن كيسان ،  قال: فلما حضر قدوم الوليد  أمر  عمر بن عبد العزيز  عشرين رجلا من قريش  يخرجون معه ، فخرجوا فلقوه بالسويداء ،  فلما دخل إلى المدينة  غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه ، فأخرج الناس منه ، فما ترك فيه أحد ، وبقي  سعيد بن المسيب  ما يجترئ أحد من الحرس أن يخرجه ، وما عليه إلا ريطتان ما تساويان خمسة دراهم في مصلاه ، فقيل له: لو قمت ، قال: والله لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه ، فقيل له: لو سلمت على أمير المؤمنين ، فقال: لا والله لا أقوم إليه . 
قال  عمر بن عبد العزيز:  فجعلت أعدل بالوليد  في ناحية المسجد رجاء ألا يرى  سعيد بن المسيب  حتى يقوم ، فحانت من الوليد  التفاتة - أو قال: نظرة - إلى القبلة ، فقال من ذلك الجالس؟ أهو الشيخ  سعيد بن المسيب؟  فقال عمر:  نعم يا أمير المؤمنين ، من حاله ومن حاله ، ولو علم مكانك لقام مسلما عليك ، فدار في المسجد حتى وقف [على القبر ، ثم أقبل حتى وقف] على  سعيد بن المسيب ،  فقال:  [ ص: 301 ] كيف أنت أيها الشيخ؟ [فو الله ما تحرك سعيد  ولا قام] فقال: بخير والحمد لله ، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ فقال الوليد:  بخير والحمد لله فانصرف وهو يقول:  لعمر:  هذا بقية الناس ، فقال: أجل يا أمير المؤمنين . 
وقسم الوليد  بالمدينة  رقيقا كثيرا بين الناس ، وآنية من ذهب وفضة وأموالا ، وخطب بها يوم الجمعة وصلى بهم . 
قال  الواقدي:  وقدم بطيب وكسوة للكعبة .  
قال المدائني:  وحج محمد بن يوسف  من اليمن ،  وحمل هدايا للوليد ،  فقالت أم البنين  للوليد:  اجعل لي هدية محمد بن يوسف ،  فأمر بصرفها إليها ، فجاءت أم البنين  إلى محمد  فيها ، فأبى وقال: حتى ينظر إليها أمير المؤمنين فيرى رأيه ، وكانت هدايا كثيرة فقالت: يا أمير المؤمنين ، إنك أمرت بهدايا محمد  أن تصرف إلي ولا حاجة لي فيها ، قال: ولم ، قالت: بلغني أنه غصبها وكلفهم عملها وظلمهم ، وحمل محمد  المتاع إلى الوليد ،  فقال له: بلغني أنك أصبتها غصبا ، قال: معاذ الله ، فأمر فاستحلف بين الركن  والمقام  خمسين يمينا أنه ما غصب شيئا منها ولا ظلم أحدا ولا أصابها إلا من طيب ، فحلف فقبلها الوليد  ودفعها إلى أم البنين .  ومات محمد  باليمن ،  أصابه داء انقطع منه . 
وكان عمال الأمصار في هذه السنة من تقدم في السنة التي قبلها ، غير مكة ،  فإن  الواقدي  يقول: كان عاملها  خالد بن عبد الله القسري .  وقال غيره: بل كان عمر بن العزيز  
				
						
						
