الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

425 - عبد الله بن سوار بن همام العبدي:

وكان شريفا جوادا ، وولاه معاوية السند .

أنبأنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحميدي ، قال: حدثنا محمد بن سلامة القضاعي ، قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب ، قال: حدثنا ابن دريد ، قال: أخبرنا العكلي ، عن عبد الله بن أبي خالد ، عن الهيثم بن عدي ، عن رجاله ، قالوا:

وفد على عبد الله بن سوار بن همام العبدي رجل من أهل البصرة وهو عامل معاوية على السند ، فانتظر إذنه ثلاثا ثم دخل عليه فأنكره ، فقال: من الرجل؟ قال: من أهل البصرة من بني تميم من بني سعد ، قال: وما وراءك؟ قال: حرمة قمت بها ، قال: وما هي؟ قال: كنت تمر بمجلس بني سور فتسلم فأرد عليك أتم من سلامك بأجهر من كلامك ، وأتبعك بدعائي من بين رجال قومي ، قال: حرمة والله .

وكان عبد الله بن سوار شريفا جوادا ، فقال: ما حاجتك؟ قال: أملي ، قال: وما أملك؟ قال: ما أستغني به عن غيرك إن عشت ، وتنمو به عقبي إن مت . فأمر له بثلاثين ألفا ، وكساه وقال: هي لك عندي في كل سنة إن أبقاني لك الدهر .

[ ص: 32 ]

426 - معاوية بن يزيد بن معاوية ، أبو ليلى ، ويقال: أبو عبد الرحمن [عبد الله]:

ولي بعد أبيه يزيد وهو ابن تسع عشرة سنة . وقيل: ثلاثة عشر وثمانية عشر يوما .

وبويع له بالشام فأقام نحو ثلاثة أشهر . وقيل: أربعين ليلة . وتوفي في هذه السنة .

وكان خيرا ذا دين ، سألته أمه أم هانئ بنت أبي هشام بن عتبة بن ربيعة في مرضه أن يستخلف أخاه خالد بن يزيد فأبى وقال: والله لا أحملها حيا وميتا ، فقالت له: وددت أنك كنت نسيا منسيا ولم تضعف هذا الضعف ، قال: وددت أني كنت نسيا منسيا ولم أسمع بذكر جهنم ، ثم قال: يا حسان بن مالك ، اضبط ما قبلك وصل بالناس إلى أن يرضى المسلمون بإمام يحققون عليه .

وروى أبو جعفر الطبري: أنه خطب الناس فقال: إني نظرت في أمركم فصعقت عنه فابتغيت لكم رجلا مثل عمر بن الخطاب حين فزع إليه أبو بكر فلم أجده ، فابتغيت لكم سنة الشورى مثل سنة عثمان ولم أجدهم ، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم ، ثم دخل منزله ولم يخرج إلى الناس . فقال بعض الناس: إنه دس إليه فسقي سما . وقيل: بل طاعن .

427 - المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، أبو عبد الرحمن .

أمه عاتكة بنت عوف ، أخت عبد الرحمن بن عوف من المهاجرات المبايعات ، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسور ابن ثمان سنين ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يلازم عمر بن الخطاب ويحفظ عنه ، وكان من أهل الفضل والدين ، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن مقبلا ومدبرا في أمر الشورى ، ثم انحاز إلى مكة حين توفي معاوية ، وكره بيعة يزيد ، فلم يزل هنالك حتى قدم الحصين بن نمير وحضر حصار ابن الزبير .

أنبأنا الحسين البارع ، قال: أخبرنا ابن المسلمة ، قال: أخبرنا المخلص ، قال: [ ص: 33 ] أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال: أخبرنا الزبير بن بكار ، قال: حدثني إبراهيم بن حمزة ، قال: أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببرود من اليمن فقسمها بين المهاجرين والأنصار ، وكان فيها برد فائق ، فقال: إن أعطيته أحدا منهم غضب أصحابه ورأوا أني فضلته عليهم ، فدلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطه إياه ، فأسموا المسور بن مخرمة ، فدفعه إليه ، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص على المسور ، فقال: ما هذا؟ قال: كسانيه أمير المؤمنين ، فجاء سعد إلى عمر فقال: تكسوني هذا البرد وتكسو ابن أخي أفضل منه؟ فقال: يا أبا إسحاق ، إني كرهت أن أعطيه أحدا منكم فيغضب أصحابه فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة حتى لا يتوهم فيه أني أفضله عليكم ، فقال سعد: فإني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيتني رأسك ، فخضع له عمر رأسه وقال: عندك يا أبا إسحاق فارفق الشيخ بالشيخ ، فضرب رأسه بالبرد .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور: أن المسور كان لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد ويكرهه ، ويرى أنه صدقة ، وأنه احتكر طعاما فرأى سحابا من سحاب الخريف فكرهه ، فلما أصبح أتى السوق فقال: من جاءني وليته ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فأتاه بالسوق فقال: أجننت يا مسور؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكني رأيت سحابا من سحاب الخريف فكرهته ، فكرهت ما ينفع المسلمين ، فكرهت أن أربح فيه ، وأردت ألا أربح فيه ، فقال عمر: جزاك الله خيرا .

قال ابن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها: أنه كان يصوم الدهر ، وأنه أصابه حجر من المنجنيق ، ضرب البيت فانفلق منه فلقة [ ص: 34 ] فأصابت جدار المسور وهو قائم يصلي ، فمرض منها أياما ثم هلك في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية بمكة ، وابن الزبير يومئذ لا يتسمى بالخلافة ، والأمر شورى ، وهو ابن اثنتين وستين سنة .

428 - يزيد بن الأسود الجرشي:

كان عبدا صالحا ، وكان القطر قد احتبس في زمن معاوية ، فصعد المنبر ودعاه فصعد إليه ، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا ، اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود ، فسقي الناس ، ثم جرى له مثل هذا مع الضحاك بن قيس .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد بن هبة الله الطبري ، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال: حدثنا سعيد بن أسد ، قال: حدثنا ضمرة ، عن ابن أبي جميلة ، قال: أصاب الناس قحط بدمشق ، وعلى الناس الضحاك بن قيس الفهري ، فخرج بالناس يستسقي ، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي ، فلم يجبه أحد مرارا ، فقال: عزمت عليه أن يسمع كلامي إلا قام ، فقام فرفع يديه فقال: اللهم يا رب إن عبادك تقربوا إليك فأسقهم ، فانصرف الناس وهم يخوضون الماء ، فقال: اللهم إنه قد شهرني فأرحني منه ، فما أتت عليه جمعة حتى قتل الضحاك .

429 - يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:

توفي لأربع عشر خلت من ربيع الأول من هذه السنة بقرية من قرى حمص يقال لها حوارين ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة . وقيل: تسع وثلاثين .

وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر ، وقال الواقدي: وثمانية أشهر إلا ثمان ليال .

[ ص: 35 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية