الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وستين

فمن الحوادث فيها مقدم وفد المدينة على يزيد ومبايعتهم محمد بن حنظلة

وكان السبب في ذلك أن يزيد لما عزل عمرو بن سعيد ، وولى الوليد بن عتبة ، قدم الوليد [ المدينة ] فأخذ غلمانا لعمرو ، نحوا من ثلاثمائة فحبسهم ، فكلمه فيهم عمرو فأبى أن يخليهم ، فخرج عمرو من المدينة وكتب إلى غلمانه: إني باعث إلى كل رجل منكم جملا وأداته ، تناخ لكم بالسوق ، فإذا أتاكم رسولي فاكسروا باب السجن ، ثم ليقم كل رجل منكم إلى جمله فليركبه ، ثم أقبلوا علي .

ففعل ذلك ، فقدم على يزيد ، فرحب به وعاتبه على تقصيره في أشياء يأمره بها في ابن الزبير ، فقال: يا أمير المؤمنين: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، وإن جل أهل الحجاز مالوا إليه ، ولم يكن معي جند أقوى عليه لو ناهضته ، فكنت أداريه لأتمكن منه ، مع أني قد ضيقت عليه ، فجعلت على مكة وطرقها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتى يكتبوا لي اسمه واسم أبيه ، وما جاء به ، فإن كان ممن أرى أنه يريده رددته صاغرا ، وقد بعثت الوليد وسيأتيك من عمله ما تعرف به فضل مبايعتي ومناصحتي .

[ ص: 7 ]

فعزل يزيد الوليد ، وبعث عثمان بن محمد بن أبي سفيان وهو حدث لم يحنكه السن ، وكان لا يكاد ينظر في شيء من عمله . وبعث إلى يزيد وفدا من المدينة فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل ، والمنذر بن الزبير ، فأكرمهم وأجازهم ، ثم رجعوا إلى المدينة فأظهروا شتم يزيد ، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب ، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه .

وقال المنذر: والله لقد أجازني بمائة ألف درهم ، وإنه لا يمنعني ما صنع إلي أن أصدقكم عنه ، والله إنه ليشرب الخمر ، وإنه ليسكر حتى يدع الصلاة . ثم بايعوا عبد الله بن حنظلة .

وفيها: حج بالناس الوليد بن عتبة ، وكان العمال على البلاد في هذه السنة هم العمال في السنة التي قبلها ، وقد ذكرناهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية