الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان وولاها المفضل بن المهلب أخا يزيد

وسبب ذلك أن بعض أهل الكتاب قال له: يلي الأمر بعدك رجل يقال له يزيد ، فقال: ليس إلا ابن المهلب ، فعزله وولى المفضل فبقي تسعة أشهر ، وكان يزيد قد ولي سنة اثنتين ، وعزل سنة خمس .

وفيها غزا المفضل باذغيس

ففتحها وأصاب منها مغنما ، فقسمه بين الناس . ثم غزا مواضع أخر فظفر وغنم ولم يكن له بيت مال وإنما كان يقسم ما يغنم .

وفيها أراد عبد الملك خلع أخيه عبد العزيز

فنهاه عن ذلك قبيصة بن ذؤيب ، وقال: لا تفعل فإنك تبعث بهذا على نفسك العار ، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه . فكف عن ذلك ونفسه تنازعه ، ودخل عليه روح بن زنباع ، فقال: يا أمير المؤمنين ، لو خلعته ما انتطح فيه عنزان ، قال: ترى ذلك يا أبا زرعة؟ قال: إي والله ، وأنا أول من يجيبك إلى ذلك ، فقال: نصبح إن شاء الله .

فبينا هو على ذلك وقد نام عبد الملك - ونفسه تنازعه - وروح بن زنباع دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقا ، وكان عبد الملك قد تقدم إلى حجابه فقال: لا يحجب عني قبيصة أي ساعة جاء ليلا أو نهارا ، إن كنت خاليا أو عندي أحد ، وإن كنت عند النساء أدخل المجلس وأعلمت بمكانه ، فدخل وكانت الأخبار تأتي إليه قبل عبد الملك ، فدخل عليه فسلم وقال: آجرك الله في أخيك عبد العزيز ، قال: وهل [ ص: 262 ] توفي؟ قال: نعم ، فاسترجع عبد الملك ، ثم أقبل على روح ، فقال: كفانا الله ما كنا نريد وما اجتمعنا عليه ، فقال قبيصة: ما هو؟ فأخبره بما قد كان ، فقال قبيصة: يا أمير المؤمنين ، إن الرأي كله في الأناة ، والعجلة فيها ما فيها .

وفي رواية : أن عبد الملك لما أراد خلع عبد العزيز ويبايع لابنه الوليد ، كتب إلى أخيه: إن رأيت أن تصير هذا الأمر لابن أخيك ، فأبى ، فكتب إليه: فاجعلها له من بعدك ، فكتب إليه: إني أرى في ولدي ما ترى في ولدك ، وإني وإياك قد بلغنا أشياء لم يبلغها أحد من أهل بيتك إلا كان بقاؤه قليلا ، وإني لا أدري ولا تدري أينا يأتيه الموت أولا ، فإن رأيت لا تغثث علي بقية عمري فافعل . فرق عبد الملك ، وقال: لا أغثث عليه بقية عمره [وقال لعمري: لا أعيب عليه بقية عمره] . فلما مات عبد العزيز بن مروان بايع لولديه .

التالي السابق


الخدمات العلمية