الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين

[تتمة سنة إحدى وستين]

[تتمة ذكر من توفي من الأكابر]

410 - شيبة بن عثمان بن أبي طلحة:

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، قال: أخبرنا ابن معروف ، قال: حدثنا ابن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: قال الواقدي عن أشياخ له: كان شيبة بن عثمان يحدث عن إسلامه فيقول: ما رأيت أعجب مما كان فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات ، فلما كان يوم الفتح دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، قلت: أسير مع قريش إلى هوازن بحنين فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة فأثأر منه ، فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها ، وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما اتبعته أبدا ، فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بغلته ، وأصلت السيف فدنوت أريد ما أريد منه ، ورفعت سيفي فرفع لي شواظ من نار كالبرق حتى كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفا عليه ، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فناداني: "يا شيب ، ادن مني" ، فدنوت منه فمسح صدري وقال: "اللهم أعذه من الشيطان" . فوالله لهو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي ، فأذهب الله ما كان بي ، ثم قال: "ادن فقاتل" فتقدمت أمامه [ ص: 4 ] أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء ، ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حيا لأوقعت به السيف ، فلما تراجع المسلمون وكروا كرة واحدة ، قربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها ، فخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كل وجه ، ورجع إلى معسكره ، فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، فقال: "يا شيبة ، الذي أراد الله بك خير مما أردت بنفسك" ، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أكن أذكره لأحد قط ، فقلت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، ثم قلت: استغفر لي يا رسول الله ، فقال: غفر الله لك . قال الواقدي: كان عثمان بن أبي طلحة يلي فتح البيت إلى أن توفي ، فدفع ذلك إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، وهو ابن عمه ، فبقيت الحجابة في ولد شيبة .

411 - عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم:

صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه ، ولم يزل بالمدينة إلى عهد عمر ، ثم تحول إلى دمشق فابتنى بها دارا ، وتوفي بها في خلافة يزيد [بن معاوية] ، وإليه أوصى .

412 - ميمونة بنت الحارث ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم:

تزوجها في عمرة القضية بسرف ، بعد أن خرج من مكة ، وبنى بها هناك ، واتفق أنها ماتت هناك في هذه السنة .

413 - الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، أبو وهب:

قتل عقبة يوم بدر صبرا ، وأسلم الوليد يوم فتح مكة ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق وخزاعة ، وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد بساحاتهم ، فخرجوا [ ص: 5 ] يتلقونه بالسلاح ، [فظنهم محاربين ، فرجع فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لما رأوه لقوه بالسلاح] ومنعوا الصدقة ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم بعثا ، وبلغهم ذلك ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سله هل ناطقنا أو كلمنا حتى رجع ونحن قوم مؤمنون ، فنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمهم: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة [49: 6] الآية .

وولاه عمر صدقات بني تغلب ، وولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص ثم عزله عنها ، فلم يزل بالمدينة حتى بويع علي ، فخرج إلى الرقة فنزلها معتزلا لعلي ومعاوية ، فمات بها ، وقبره على خمسة عشر ميلا من الرقة ، كان له هناك ضيعة فمات بها . [ ص: 6 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية