الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفيها وجه الحجاج محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث إلى سجستان لحرب رتبيل صاحب الترك

وذلك أن الحجاج جهز عشرين ألفا من أهل الكوفة ، وعشرين ألفا من أهل البصرة ، وأعطى الناس أعطياتهم كملا ، وأخذهم بالخيول الروائع ، والسلاح الكامل ، وأخذ يعرض الناس ، ولا يرى رجلا تذكر منه شجاعة إلا أحسن معونته ، ثم بعث عليهم عبد الرحمن بن الأشعث ، فقدم بالجيش سجستان ، وصعد منبرها ، [ ص: 212 ] فقال: إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم ، وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم ، وأباد أجنادكم ، فإياكم أن يتخلف منكم رجل فتحل بنفسه العقوبة ، اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا مع الناس .

فعسكر الناس ووضعت لهم الأسواق ، وتهيئوا للحرب . فبلغ ذلك رتبيل . فكتب إلى عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين ، ويخبره أنه كان لذلك كارها ، وأنهم ألجئوه إلى قتالهم ، ويسأله الصلح ، ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج ، فلم يجبه ، وسار في الجنود إليه حتى دخل أول بلاده ، وأخذ رتبيل يضم جنده إليه ، ويدع له الأرض رستاقا وحصنا حصينا ، وطفق ابن الأشعث كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا وأعوانا ، وجعل الأرصاد على العقاب والشعاب ، ووضع المسالح بكل مكان مخوف ، حتى إذا ملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة حبس الناس عن الإيغال في أرض رتبيل ، وقال: نكتفي بما قد أصبنا العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها ، ثم نتعاطى في العام المقبل ما وراءها ، ثم لا نزال ننتقص في كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم على كنوزهم وذراريهم ، وفي ممتنع حصونهم ، ثم كتب إلى الحجاج بذلك .

وذكر بعض علماء السير في سبب تولية ابن الأشعث غير هذا ، فقال: كان الحجاج قد وجه هميان بن علي السدوسي إلى كرمان ، وكان عاملا على سجستان ، فكتب الحجاج عهد ابن الأشعث عليها ، وجهز إليها جيشا أنفق عليه ألفي درهم سوى أعطياتهم ، وأمره بالإقدام على رتبيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية