الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

533 - الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل ، وهو عتبة بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عوف بن سعد بن عوف بن ثقيف ، من الأحلاف:

وأمه الفارعة بنت همام ، وكانت عند المغيرة بن شعبة ، فولدت له بنتا . وكان الحجاج أخفش ، دقيق الصوت فصيحا حسن الحفظ للقرآن ، إلا أنه قد أخذ عليه فيه لحن .

قال ليحيى بن يعمر: أتجدني ألحن ، قال: الأمير أفصح من ذلك ، قال: عزمت عليك لتخبرني ، قال: نعم: ومساكن ترضونها أحب إليكم بالرفع وأحب منصوب ، قال: لا تسمعني ألحن بعدها فنفاه إلى خراسان .

وكان الحجاج أول أيامه معلما ، وكان يقرأ في كل ليلة ربع القرآن . وسمع الحديث وأسنده ، وليس بأهل أن يروى عنه .

وكان الحجاج قد أذل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة خاصة ، واحتج بأنهم لم ينصروا عثمان ، وقتل الخلق الكثير يحتج عليهم بأنهم خرجوا على عبد الملك .

أخبرنا أبو الفتح الكروخي ، [قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي ، وأبو بكر الكروخي ، [ ص: 337 ] قالا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد بن الجراح ، عن أبي العباس بن محبوب] ، عن الترمذي ، عن هشام بن حسان ، قال:

أحصينا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف رجل .

وأخبرنا عبد الوهاب بإسناد له عن الأصمعي ، قال: حدثنا أبو عاصم ، عن عباد بن كثير ، عن قحذم ، قال:

وجد في سجن الحجاج ثلاثة وثلاثين ألفا ما يجب على أحد منهم قطع ولا قتل ولا صلب ، ووجد فيهم أعرابي رئي جالسا يبول عند ربض المدينة - يعني واسط - فخلى عنه ، فانصرف وهو يقول:


إذا نحن جاوزنا مدينة واسط خرينا وصلينا بغير حساب

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا علي بن أحمد البسري ، عن أبي عبد الله بن بطة ، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا أحمد بن عبيد ، قال:

أخبرنا هشام بن محمد الكلبي ، عن عوانة بن الحكم ، قال: دخل أنس بن مالك رضي الله عنه على الحجاج بن يوسف ، فلما وقف سلم عليه ، فقال له الحجاج: إيه إيه يا أنس ، يوم لك مع علي ، ويوم لك مع ابن الزبير ، ويوم لك مع ابن الأشعث ، والله لأستأصلنك كما تستأصل الشأفة ، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة ، فقال أنس: إياي - يعني الأمير - أصلحه الله؟ قال: إياك صك الله سمعك ، قال أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون ، 2: 156 والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتلة قتلت ، ولا أي ميتة مت .

ثم خرج من عنده ، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، فلما قرأ كتابه [ ص: 338 ] استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظم ذلك من الحجاج . وكان كتاب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان:

بسم الله الرحمن الرحيم . إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك ، أما بعد ، فإن الحجاج قال لي هجرا ، وأسمعني نكرا ، ولم أكن له منك ومنه أهلا ، فخذلني على يديه وأعني عليه فإني أمت إليك بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .

فبعث إلى إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، وكان مصافيا للحجاج ، فقال: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق ، فابدأ بأنس بن مالك وادفع إليه كتابه وأبلغه مني السلام ، وقل له: يا أبا حمزة ، قد كتبت إلى الملعون الحجاج كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك .

وكان كتاب عبد الملك إلى أنس: بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الملك بن مروان ، أما بعد ، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكايتك الحجاج ، وما سلطته عليك ، ولا أمرته بالإساءة إليك ، فإن عاد لمثلها فاكتب إلي بذلك أنزل به عقوبتي ، وتحسن لك معونتي ، والسلام .

فلما قرأ أنس كتابه قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا ، وعافاه ، فهذا كان ظني به والرجاء منه . فقال له إسماعيل: يا أبا حمزة ، الحجاج عامل أمير المؤمنين ، وليس بك عنه غنى ، ولا بأهل بيتك ، ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك قدر أن يضر وينفع ، فقاربه وداره ، قال: أفعل إن شاء الله . ثم خرج إسماعيل من عنده فدخل على الحجاج ، فلما رآه قال: مرحبا برجل أحبه ، وقد كنت أحب لقاءه ، قال: فأنا والله قد كنت أحب لقاءك في غير ما أتيتك به ، قال: وما أتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو من أشد الناس عليك غضبا ومنك بعدا ، فاستوى جالسا مرعوبا ، فرمى إليه بالطومار ، فجعل ينظر فيه مرة ويعرق ، وينظر إلى إسماعيل أخرى ، فلما فهمه قال: مر بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونترضاه ، قال: لا تعجل ، قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة ، ثم رمى الطومار إليه فإذا فيه .

بسم الله الرحمن الرحيم . من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى [ ص: 339 ] الحجاج بن يوسف . أما بعد ، فإنك عبد طمت بك الأمور ، فسموت فيها وعدوت طورك وجاوزت قدرك ، وأردت أن تروزني ، فإن سوغتكها مضيت قدما ، وإن [لم] رجعت القهقرى فلعنك الله عبدا أخفش العينين ، منقوص الجاعرتين ، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف ، وحفرهم الآبار بأيديهم ، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل ، يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب ، والله لأغمزنك غمزة الليث الثعلب ، والصقر الأرنب ، وثبت على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فلم تقبل له إحسانه ، واستخفافا منك بالعهد ، والله لو أن اليهود والنصارى رأت رجلا خدمعزير بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته ، فكيف وهذا أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خدمه ثماني سنين يطلعه على سره ، ويشاوره في أمره ، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا قرأت كتابي هذا فكن أطوع له من خفه ونعله ، وإلا أتاك مني سهم مثكل بحتف قاض ، و لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون .

فأتاه فترضاه . وما عرف لعبد الملك منقبة أكرم منها .

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا محمد بن علي النرسي ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن الحسني ، قال: أخبرنا زيد بن جعفر بن حاجب ، قال: أخبرنا صالح بن وصيف الكناني ، قال: حدثنا أبو المعمر محمد بن مسلم بن عثمان الأموي ، قال: حدثني محمد بن سهل بن عمير المازني ، قال: حدثني أبي ، قال:

عرض الحجاج بن يوسف خيلا له ، فأرسل إلى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له: أين هذه من التي كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أنس: تلك والله كما قال الله عز وجل: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وهذه هيئت للرياء والسمعة ، فقال له الحجاج: لولا كتاب أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان أتاني لفعلت وفعلت ، فقال له أنس: تالله ، لم تقدر على ذلك ، علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أتحرز بهن من كل شيطان مريد ، ومن كل جبار عنيد ، قال: فجثا الحجاج على ركبتيه ثم قال: علمنيهن يا عم ، قال: تالله لست لهن

[ ص: 340 ]

بأهل . قال: فدس إليه وإلى ولده وإلى أهله ، فأبوا أن يعلموه .

قال أبو المعمر: قال محمد بن سهل: قال أبي ، قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي بسم الله [على نفسي وديني ، بسم الله] على أهلي ومالي ، بسم الله على ما أعطاني ربي ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ربي لا أشرك به شيئا ، أجرني من كل شيطان رجيم ، ومن كل جبار عنيد ، إن وليي الله الذي نزل الكتاب ، وهو يتولى الصالحين فإن تولوا فقل: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .
قال محمد بن سهل: وحدثني أبي ، قال: كنت في مجلس [فيه] الحسن بن أبي الحسن البصري جالسا إذ مر به الحجاج بن يوسف على برذون له ، فنزل فشق الناس حتى قعد إلى جانب الحسن ، وجعل الحسن يحدث الناس ويهوي بيده إلى بغلة كأنه يريد القيام ، فلما رأى الحجاج ما يصنع قال: يا أبا سعيد ، لعلك تفعل هذا من أجلي ، قال: لا ، ولكن يمر بنا الضعيف وذو الحاجة فيشتغل بكلامنا عن حاجته ، فالتفت الحجاج إلى جلساء الحسن ، فقال: نعم الشيخ شيخكم ، ونعم المؤدب مؤدبكم ، ولولا الرعية وهذه البلية لأحببت مشاهدة شيخكم . ثم قام فركب ، فقام رجل من أهل الديوان ، فقال: يا أبا سعيد أخرج عطائي ، وأمر ببعثي ، وأخذت بفرس وسلاح ، ولا والله ما فيه ثمن الفرس ولا نفقة عيالي . قال: فأرسل الحسن عينيه بالبكاء ، ثم قال: ما لهم قاتلهم الله اتخذوا عباد الله خولا ، ومال الله دولا ، وكتاب الله دغلا ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والنجس بالزكاة ، يأخذون من غير حق الله ، وينفقون في سخط الله ، فستردون فتعلمون والحساب عند البيدر ، وإذا أقبل عدو الله ففي سرادقات محفوفة - ويقال: رفافة - وإذا أقبل أخوه المسلم فطار وأجل منفعة قليلة وندامة طويلة .

قال: فما لبث أن سعى بكلامه إلى الحجاج ، فأرسل إليه شرطيين فأخذا بضبعيه [ ص: 341 ] حتى أدخلاه على الحجاج ، وتبعه ثابت البناني ومحمد بن سيرين ومعه الكفن والحنوط ، فلما أدخل عليه قال: يا ابن أم الحسن ، أنت القائل ما لهم قاتلهم الله اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا وكتاب الله دغلا ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والنجس بالزكاة ، فذكر الكلام إلى آخره ، قال: نعم ، قال: وما الذي جرأك عليه؟ قال: ما أخذ الله على من كان قبلنا ، قال الله -عز وجل- وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فكرهت أن أكون من أولئك القوم ، قال: نعم الشيخ أنت ، ونعم المؤدب أنت ، وليس مثلك أخذ بكلمة استخرجها ، ولئن بلغني عنك ثانيا لأفرقن بين رأسك وجسدك ، فقال له الحسن: ليس ذاك إليك ، ثم قال يا جارية ، هات الغالية ، فجاءت جارية فقال: أفرغيه على رأسه ، فكشف الحسن عن شعره ، فقال: إنه لرأس ما أصابه الدهن منذ كذا وكذا .

فخرج إلى أصحابه ، فقال له: ابن سيرين وثابت البناني ، ما قال لك الطاغية؟ وما رددت عليه؟ قال: قال لي كذا وقلت له كذا ، وإنكم ستطلبون . فخرج ابن سيرين إلى بلاد الهند ، خرج ثابت إلى كابل ، وأقام الحسن حتى صلى الجمعة خلف الحجاج ، فرقي الحجاج المنبر فأطال الخطبة حتى دخل في وقت العصر ، فقال الحسن: أما من رجل يقول: الصلاة جامعة ، فقال رجل من تلامذة الحسن: يا أبا سعيد أتأمرنا أن نتكلم والإمام يخطب ، فقال: إنما أمرنا أن ننصت لهم إذا أخذوا في أمر ديننا ، فإذا أخذوا في أمر دنياهم أخذنا في أمر ديننا ، قوموا الصلاة جامعة ، ثم التفت إلى جلسائه فقال: بعث إليكم أخيفش أعيمش ملعون معذب ، قوموا الصلاة جامعة ، فقام الحسن ، وقام الناس لقيام الحسن ، فقطع الحجاج الخطبة ونزل فصلى بهم ، وطلب الحجاج الحسن فلم يقدر عليه .

وروى أبو بكر بن الأنباري ، عن أبيه ، عن العباس بن ميمون ، عن ابن عائشة ، عن أبيه ، قال: [ ص: 342 ]

كان سجن الحجاج بواسط ، إنما هو حائط محوط ، ليس فيه مآل ولا ظل ولا بيت ، فإذا آوى المسجونون إلى الجدران يستظلون بها رمتهم الحرس بالحجارة ، وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا به الملح والرماد ، فكان لا يلبث الرجل فيه إلا يسيرا حتى يسود فيصير كأنه زنجي ، فحبس فيه مرة غلام ، فجاءته أمه تتعرف خبره فصيح به لها ، فلما رأته أنكرته وقالت: ليس هذا ابني ، كان ابني أشقر أحمر وهذا زنجي ، فقال لها: أنا والله يا أماه ابنك ، أنا فلان وأختي فلانة وأبي فلان ، فلما عرفته شهقت فماتت .

قال: وقال الحجاج ليزيد بن أبي مسلم: كم قد قتلنا في الظنة؟ قال: ثمانين ألفا .

قال: وخرج من سجنه يوم مات الحجاج ما منهم من حل من قيد ولا غير حالا إلا في بلده الذي كان منه .

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، ومحمد بن ناصر ، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا يحيى بن الحسين بن المنذر القاضي ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن سويد ، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عثمان أبو العباس الوراق ، ومحمد بن أبي يعقوب الدينوري ، قالا:

مرض الحجاج بن يوسف مرضا أشرف منه على الموت ، فبلغه أن أهل الكوفة يرجعون بموته ، فلما بريء صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: يا أهل الكوفة ، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق ، قد نفخ الشيطان في معاطسكم - أو قال: مناخركم - زعمتم أن الحجاج قد مات ، فإن مات الحجاج فمه ، والله ما يسرني أني لا أموت وما أرجو الخير كله إلا بعد الموت ، وما رضي الله تعالى الخلود لأحد من خلقه إلا لأهونهم عليه إبليس ، ولقد سأل العبد الصالح ربه فقال: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي [ ص: 343 ]

ثم اضمحل كأن لم يكن ، يا أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل ، والله لكأني [بي] وبكم ، وقد صار كل حي منا ميتا ، وكل رطب منا يابسا ، ونقل كل امرئ منا في ثياب طهره إلى ثلاث أذرع في ذراعين ، فأكلت الأرض لحمه ومصت دمه وصديده ، ورجع الخبيثان يقيم أحدهما صاحبه خبيثة من ولده يقسم خبيثة من ماله ، ألا إن الذين يعلمون يعلمون ما أقول ، ثم نزل .

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا أبو الطيب الطبري ، قال: حدثنا المعافى بن زكريا ، قال: حدثنا الحسن بن أحمد الكلبي ، قال: حدثنا محمد بن زكريا ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عائشة ، قال: حدثني أبي ، قال:

لما أراد الحجاج الخروج من البصرة إلى مكة خطب الناس ، وقال: يا أهل البصرة ، إني أريد الخروج إلى مكة ، وقد استخلفت عليكم محمدا ابني ، وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار ، فإنه أوصى في الأنصار أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ألا وإني قد أوصيته بكم ألا يقبل من محسنكم ، ولا يتجاوز عن مسيئكم ، ألا فإنكم قائلون: لا أحسن الله له الصحابة ، وإني معجل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة .

تم الجزء السادس من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي عفى الله عنه وعن جميع المسلمين . يتلوه في الجزء السابع ذكر وفاة الحجاج . قد ذكرنا أن عبد الملك بن مروان أوصى الوليد بالحجاج ثم لم يلبث الحجاج . . . . .

التالي السابق


الخدمات العلمية