الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة وجه عبد الملك الحجاج بن يوسف إلى مكة لقتال ابن الزبير ، وكان السبب في توجيهه الحجاج دون غيره ، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام قام إليه الحجاج بن يوسف فقال: يا أمير المؤمنين ، إني رأيت في منامي أني أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته ، فابعثني إليه وولني قتاله . فبعثه فخرج في ألفين من أهل الشام في جمادى سنة اثنتين وسبعين فلم يعرض للمدينة ، فسار حتى نزل الطائف ، فكان قدومه الطائف في شعبان ، وقد كتب عبد الملك لأهل مكة الأمان إن دخلوا في طاعته ، وكان الحجاج يبعث البعوث إلى عرفة في الخيل ، ويبعث ابن الزبير بعثا فيقتتلون هناك ، وفي كل ذلك تهزم خيل ابن الزبير ويرجع الحجاج بالظفر .

ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في حصار ابن الزبير ودخول الحرم عليه ، ويخبره أن شوكته قد قلت ، وقد تفرق عنه عامة أصحابه ويسأله أن يمده برجال .

فكتب عبد الملك إلى طارق بن عمرو يأمره أن يلحق بمن معه من الجند [ ص: 120 ] بالحجاج ، فسار في خمسة آلاف من أصحابه حتى لحق بالحجاج ، فلما دخل شهر ذي القعدة رحل الحجاج من الطائف حتى نزل بئر ميمون ، وحصر ابن الزبير لهلال ذي القعدة . وكان قدوم طارق مكة لهلال ذي الحجة ، ولم يطف بالبيت ولم يصل إليه وهو محرم ، وكان يلبس الحجاج السلاح ، ولا يقرب النساء ولا الطيب ، إلى أن قتل ابن الزبير .

ونحر ابن الزبير بدنا بمكة يوم النحر ، ولم يحج ذلك العام ولا أصحابه؛ لأنهم لم يقفوا بعرفة ، ونحر أصحاب الحجاج وطارق فيما بين الحجون إلى بئر ميمون .

وحج الحجاج بالناس ولم يطف بالبيت ، وكان العامل على المدينة طارقا مولى عثمان من قبل عبد الملك ، وعلى الكوفة بشر بن مروان ، وعلى قضائها عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعلى البصرة خالد بن عبد الله ، وعلى قضائها هشام بن هبيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية