الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
462 - توبة بن الحمير من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن خفاجة:

كان شاعرا ، وكان أحد عشاق العرب ، مشهورا بذلك ، وصاحبته ليلى الأخيلية ، وكان يقول فيها الشعر ولا يراها إلا متبرقعة ، فأتاها يوما فسفرت له عن وجهها فأنكر ذلك ، وعلم أنها لم تسفر إلا عن حدث ، وكان إخوتها قد أمروها أن تعلمهم بمجيئه ، فسفرت لتنذره ، ففي ذلك يقول:


وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورها

وأول الشعر:


نأتك بليلى دارها لا تزورها     وشطت نواها واستمر مريرها
يقول رجال لا يضيرك حبها     بلى كل ما شف النفوس يضيرها
أظن بها خيرا وأعلم أنها     ستنعم يوما أو يفك أسيرها
حمامة بطن الواديين ترنمي     سقاك من الغر الغوادي مطيرها
أبيني لنا لا زال ريشك ناعما     ولا زلت في خضراء دان بريرها
أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما     أتت حجج من دونها وشهورها
أرتنا حياض الموت ليلى وراقنا     عيون نقيات الحواشي تديرها
ألا يا صفي النفس كيف تقولها     لو أن طريدا خائفا يستجيرها
علي دماء البدن إن كان بعلها     يرى لي ذنبا غير أني أزورها
وقد زعمت ليلى بأني فاجر     لنفسي تقاها أو عليها فجورها

وله أيضا فيها:


فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها     فلن تمنعوا عيني البكا والقوافيا



[ ص: 169 ]

فهلا منعتم إذ منعتم كلامها     خيالا يمسينا على النأي هاديا
يلومك فيها اللائمون نصاحة     فليت الهوى باللائمين مكانيا
لعمري لقد أسهرتني يا حمامة     العقيق وقد أبكيت ما كان باكيا
ذكرتك بالغور التهامي فأصعدت     شجون الهوى حتى بلغن التراقيا

كان توبة يشن الغارة على بني الحارث بن كعب وهمدان ، وكانت بين أرض بني عقيل وبني مهرة مفازة ، وكان يحمل معه الماء إذا أغار ، فغزا هو وأخوه عبد الله وابن عم له فنذروا بهم ، فانصرف محققا ، فمر بجيران لبني عوف ، فاطرد إبلهم وقتل رجلا من بني عوف ، فطلبوه فقتلوه ، وضربوا رجل أخيه فأعرجوه ، فبلغ الخبر ليلى ، فقالت:


فآليت أبكي بعد توبة هالكا     وأحفل إذا دارت عليه الدوائر
لعمرك ما بالقتل عار على الفتى     إذا لم تصبه في الحياة المعايرة

.

التالي السابق


الخدمات العلمية