الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

508 - ربيعة بن عباد الديلي:

من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غزا أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة سبع وعشرين روى عنه محمد بن المنكدر ، وأبو الزناد ، وبكير بن الأشج ، [وغيرهم] .

توفي بالمدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك .

509 - [عبد الله] بن محيريز ، أبو محيريز:

أسند عن أبي سعيد ، ومعاوية ، وأبي محذورة .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد بإسناده عن بشير بن صالح ، قال: دخل ابن محيريز حانوتا بدابق وهو يريد أن يشتري ثوبا ، فقال رجل لصاحب الحانوت: هذا ابن محيريز ، فأحسن بيعه ، فغضب ابن محيريز وخرج وقال: إنما نشتري بأموالنا لسنا نشتري بديننا .

510 - عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية:

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن ، قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل ، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان ، قال: أخبرنا أبو بكر بن عبيد ، قال: قال الحسن بن عثمان: سمعت أبا العباس الوليد يقول عن عبد الرحمن بن جابر ، قال:

كان عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية خلا لعبد الملك بن مروان ، فلما مات عبد الملك وتصدع الناس عن قبره وقف عليه ، فقال: أنت عبد الملك الذي كنت تعدني فأرجوك ، وتتوعدني فأخافك ، أصبحت وليس معك من ملكك غير ثوبيك ، وليس لك غير أربعة أذرع في عرض ذراعين من الأرض ، ثم انكفأ إلى أهله واجتهد في العبادة حتى صار كأنه شن .

قال: فدخل عليه بعض أهله فعاتبه في نفسه وإضراره بها ، وقال للقائل: أسألك عن شيء تصدقني عنه؟ قال: نعم ، قال: أخبرني عن حالك التي أنت عليها ، أترضاها للموت؟ قال: اللهم لا ، قال: فعزمت على الانتقال منها إلى غيرها ، قال ، ما انتصحت [ ص: 291 ] رأي في ذلك ، قال: أفتأمن أن يأتيك الموت على حالك التي أنت عليها ، قال: اللهم لا ، قال: فحال ما أقام عليها عاقل ، ثم انكفأ إلى مصلاه .

511 - عمران بن حطان السدوسي البصري:

روى عن أبي موسى ، وابن عمر ، وعائشة . وروى عنه محمد بن سيرين ، ويحيى بن أبي كثير . وكان شاعرا .

أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال: أخبرنا علي بن محمد العلاف ، قال:

أخبرنا ابن بشران ، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي ، قال: حدثنا أحمد بن علي الأنباري ، قال: أخبرنا الحسن بن عيسى ، عن أبي الحسن المدائني ، قال:

دخل عمران بن حطان على امرأته - وكان عمران قبيحا دميما قصيرا - وقد تزينت ، وكانت امرأة حسناء ، فلما نظر إليها ازدادت في عينه حسنا ، فلم يتمالك أن يديم النظر إليها ، فقالت: ما شأنك ، فقال: لقد أصبحت والله جميلة ، فقالت: أبشر فإني وإياك في الجنة ، قال: ومن أين علمت ذلك؟ قالت: لأنك أعطيت مثلي فشكرت ، وابتليت بمثلك فصبرت ، والصابر ، والشاكر في الجنة .

512 - مذعور:

كان من كبار الصالحين . قال مطرف: ما تحاب اثنان في الله إلا كان أشدهما حبا لصاحبه أفضلهما ، وأنا لمذعور أشد حبا ، وهو أفضل مني ، فكيف هذا؟ قال: فلما أمر بالرهط أن يخرجوا إلى الشام أمر بمذعور فيهم . قال: فلقيني فأخذ بلجام دابتي ، فجعلت كلما أردت أن أنصرف منعني ، فقلت: إن المكان بعيد ، فجعل يحبسني ، فقلت: أنشدك الله إلا تركتني فيم تحبسني ، [فلما نشدته] قال: كلمة يخفيها جهده مني ، اللهم فيك ، فعرفت أنه أشد حبا لي منه .

513 - يزيد بن مرثد ، أبو عثمان الهمداني:

أسند عن معاذ ، وأبي الدرداء . وكان كثير البكاء . [ ص: 292 ]

قرأت على أبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري ، عن أبي طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الخوارزمي ، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد المزكي ، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا منصور بن عمار ، قال: حدثنا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال:

قلت ليزيد بن مرثد: ما لي لا أرى عيناك تجفان من الدموع ، قال: وما سؤالك عن هذا؟ قلت: عسى أن ينفعني الله به ، قال: هو ما ترى ، قلت: هكذا تكون في خلواتك قال: والله إن ذلك ليعتريني وقد قرب إلي طعامي فيحول بيني وبين أكله ، وإن ذلك ليعتريني وقد دنوت من أهلي فيحول بيني وبين ما أريد حتى تبكي أهلي لبكائي ويبكي صبياننا وما يدرون ما يبكينا ، وحتى تقول زوجتي: يا ويحها ، ماذا خصت به من نساء المسلمين من الحزن معك ، ما ينفعني معك عيش ، ولا تقر عيني بما تقر به عين النساء مع أزواجهن ، قلت: يا أخي ما الذي أحوجك؟ قال: والله يا أخي لو أن الله تعالى لم يتواعدني إن أنا عصيته إلا أن يحبسني في حمام لكنت حريا أن لا تجف لي دمعة ، فكيف وقد تواعدني أن يسجنني في النار .

[وروي] عن سويد بن عبد العزيز ، عن الوضين بن عطاء ، قال: أراد الوليد بن عبد الملك أن يولي يزيد بن مرثد فبلغ ذلك يزيد ، فلبس فروة وقلبها فجعل الجلد على ظهره والصوف خارجا ، وأخذ بيده رغيفا وعرقا ، وخرج بلا رداء ولا قلنسوة ولا نعل ولا خف ، وجعل يمشي في الأسواق ويأكل ، فقيل للوليد: يزيد قد اختلط ، وأخبر بما فعل ، فتركه .

514 - يحيى بن يعمر ، أبو سليمان الليثي البصري :

كان صاحب علم بالقرآن والعربية . روى عن ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي الأسود [ ص: 293 ] الديلي . وروى عنه عبد الله بن أبي بريدة ، وإسحاق بن سويد . ونزل مرو ، وولي القضاء ، وكان عالما فصيحا ثقة .

قال الأصمعي: كان يحيى قاضيا فتقدم إليه رجل وامرأته ، فقال يحيى للرجل:

أرأيت إن سألتك حق شكرها وشبرك أنشأت تطلها وتضهلها . قال: يقول الرجل لامرأته: لا والله لا أدري ما يقول قومي حتى تنصرف [شبرة] تطلها: تبطل حقها . وتضهلها: تعطيها حقها قليلا قليلا ، والكناية بالشكر والشبر عن النكاح . [ ص: 294 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية