الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة بعث المختار جيشا إلى المدينة للمكر بابن الزبير

وهو مظهر له أنه وجههم معونة له لحرب الجيش الذي كان بعثه عبد الملك لحربه . وسبب ذلك أنه لما ظهر المختار بالكوفة كان يدعو إلى ابن الحنفية ، والطلب بدماء أهل البيت ، وأخذ يخادع ابن الزبير ، فكتب إليه: أما بعد ، فإنك قد عرفت [ ص: 59 ] مناصحتي وما كنت أعطيتني إذا فعلت ذلك من نفسك ، فلما وفيت لك ، وقضيت ما لك علي ، لم تف لي بما عاهدتني ، فإن ترد مراجعتي أراجعك ، أو مناصحتي أنصح لك ، وإنما أراد بذلك كفه عنه حتى يستجمع الأمر ، فأراد ابن الزبير أن يعلم أسلم هو أم حرب . فدعا عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي فقال له: تجهز إلى الكوفة فقد وليناكها ، فقال: كيف وبها المختار ، فقال: إنه يزعم أنه لنا سامع مطيع .

فتجهز بما بين الثلاثين ألف درهم إلى الأربعين ألف درهم ، ثم خرج مقبلا إلى الكوفة . فبلغ الخبر المختار ، فدعا زائدة بن قدامة ، فقال له: اجعل معك سبعين ألف درهم ، ضعف ما أنفق هذا في مسيره إلينا وتلقه في المفاوز ، وأخرج معك بمسافر بن سعيد بن نمران في خمسمائة فارس دارع رامح ، ثم قل له: خذ هذه النفقة فإنها ضعف نفقتك وانصرف ، فإن فعل وإلا فأره الخيل وقل له: إن وراء هؤلاء مثلهم مائة كتيبة .

فخرج زائدة فتلقاه وعرض عليه المال وأمره زائدة بالانصراف ، فقال: إن أمير المؤمنين قد ولاني الكوفة ولا بد من إنفاذ أمره ، فدعا زائدة بالخيل ، [فلما رآها] قال: هذا الآن عذري ، فهات المال ، فأخذه وذهب نحو [ البصرة ، ولما أخبر المختار أن أهل الشام قد أقبلوا نحو العراق خشي أن يأتيه] مصعب بن الزبير من قبل البصرة ، فوادع ابن الزبير وداراه وكتب إليه: قد بلغني أن عبد الملك بن مروان قد بعث إليك جيشا ، فإن أحببت أن أمدك بمدد أمددتك .

فكتب إليه عجل بالجيش . فدعا المختار شرحبيل الهمداني يسرحه في ثلاثة آلاف أكثرهم الموالي ، ليس فيهم إلا سبعمائة من العرب ، وقال: سر حتى تدخل المدينة ، فإذا دخلتها فاكتب إلي بذلك حتى يأتيك أمري . [ ص: 60 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية