الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة جاء نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر ، وفيها بويع لمعاوية بن يزيد بالشام بالخلافة ، ولعبد الله بن الزبير بالحجاز .

ولما هلك يزيد مكث الحصين بن نمير وأهل الشام يقاتلون ابن الزبير ولا يعلمون بموت يزيد أربعين يوما وقد حصروهم حصارا شديدا ، وضيقوا عليهم ، فبلغ موته ابن الزبير قبل أن يبلغ حصينا ، فصاح بهم ابن الزبير: إن طاغيتكم قد هلك ، فمن شاء منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس فليفعل ، ومن كره فليلحق بشآمه ، فما صدقوا ، حتى قدم ثابت بن قيس بن المنقع النخعي ، فأخبر الحصين بذلك ، فبعث الحصين بن نمير إلى ابن الزبير: موعد ما بيننا وبينك الليلة الأبطح . [فالتقيا] ، فقال له الحصين:

إن يك هذا الرجل قد هلك فأنت أحق بهذا الأمر ، هلم فلنبايعك ، ثم اخرج معي إلى الشام ، فإن هذا الجند الذين معي [هم] وجوه أهل الشام وفرسانهم ، فوالله لا يختلف عليك اثنان ، وتؤمن الناس ، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك . فقال: لا أفعل ، ولأقتلن بكل رجل عشرة . فقال الحصين: قد كنت أظن أن لك رأيا ، أنا أدعوك إلى الخلافة وأنت تعدني بالقتل .

ثم خرج وصاح في الناس فأقبل بهم نحو المدينة ، وندم ابن الزبير على ما صنع ، فأرسل إليه: أما أن أسير إلى الشام فلست فاعلا؛ لأني أكره الخروج من مكة ، [ ص: 24 ] ولكن بايعوا لي هناك فإني مؤمنكم . فقال الحصين: أرأيت [إن] لم تقدم بنفسك ، ووجدت هناك أناسا كثيرا من أهل هذا البيت يطلبونها يجيبهم الناس ، [فما أنا صانع؟

فأقبل بأصحابه ومن معه نحو المدينة ، فاستقبله علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب] واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام فذلوا حتى كان لا ينفرد منهم رجل إلا أخذ بلجام دابته فنكس عنها . فقالت لهم بنو أمية: لا تبرحوا حتى تحملونا معكم إلى الشام ، ففعلوا ومضى ذلك الجيش حتى دخلوا الشام ، وقد أوصى يزيد بالبيعة لابنه معاوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية