الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة رجعت الأزارقة من فارس إلى العراق ، حتى صاروا إلى قرب الكوفة ، ودخلوا المدائن ، وذلك أن الأزارقة كانت قد لحقت بفارس وكرمان ونواحي أصبهان بعد ما أوقع بهم المهلب بالأهواز . فلما وجه مصعب المهلب إلى الموصل ونواحيها عاملا عليها ، وبعث عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس انحطت الأزارقة على عمر فلقيهم بنيسابور ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتل منهم قوم وانهزموا ، وتبعهم فقطعوا قنطرة طبرستان ثم ارتفعوا إلى نحو من أصبهان وكرمان ، فأقاموا بها حتى قووا واستعدوا وكثروا .

ثم إن القوم أقبلوا حتى مروا بفارس ، فشمر في طلبهم عمر مسرعا حتى أتى أرجان ، فوجدهم قد خرجوا منها متوجهين إلى الأهواز ، وبلغ مصعبا إقبالهم ، فخرج فعسكر بالناس بالجسر الأكبر ، وقال: والله ما أدري ما الذي أغنى عني عمر ، وضعت [ ص: 70 ] معه جندا بفارس أجري عليهم أرزاقهم وأمده بالرجال ، فقطعت الخوارج أرضه ، والله لو قاتلهم لكان عندي أعذر .

وجاءت للخوارج عيونهم بأن عمر في آثارهم ، وأن مصعبا قد خرج من البصرة إليهم ، فذهبوا إلى المدائن فشنوا الغارة على أهلها ، يقتلون الولدان والنساء والرجال ويبقرون الحبالى . وأقبلوا إلى ساباط فوضعوا أسيافهم في الناس ، ثم تبعهم الناس وقاتلوهم وقتل أميرهم ، فانحازوا إلى قطري فبايعوه ، فذهب بهم إلى ناحية كرمان ، فأقام بها حتى اجتمعت إليه جموع كثيرة وقوي ، ثم أقبل حتى أخذ في أرض أصبهان ، ثم خرج إلى الأهواز ، وكتب للحارث بن أبي ربيعة وهو عامل مصعب على البصرة يخبره أن الخوارج قد انحدرت إلى الأهواز ، وأنه ليس لهذا الأمر إلا المهلب ، فبعث إلى المهلب فأمره بقتال الخوارج والمصير إليهم ، وبعث إلى عامله إبراهيم بن الأشتر ، فجاء المهلب إلى البصرة وانتخب الناس ، وسار بمن أحب ، ثم توجه نحو الخوارج ، وأقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف ، فاقتتلوا بها ثمانية أشهر أشد القتال .

التالي السابق


الخدمات العلمية