الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة دخل عبد الملك الكوفة ، ففرق أعمال العراق على عماله ، هذا قول الواقدي .

وقال المدائني: كان ذلك في سنة اثنتين وسبعين .

ولما أتى الكوفة نزل بالنخيلة ، ودعا الناس إلى البيعة ، ثم ولى قطن بن عبد الله الحارثي الكوفة أربعين يوما ثم عزله ، ثم ولى بشر بن مروان ، وصعد المنبر فخطب فقال: إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لخرج فآسى بنفسه ولم يغرز بذنبه في الحرم ، وإني قد استعملت عليكم بشر بن مروان وأمرته بالإحسان إلى أهل الطاعة ، والشدة على أهل المعصية ، فاسمعوا له وأطيعوا .

واستعمل محمد بن عمير على همذان ، ويزيد بن رويم على الري ، وفرق العمال ، وصنع طعاما كثيرا ، وأمر به إلى الخورنق ، وأذن إذنا عاما فأكلوا ، فقال: ما ألذ عيشنا لو أن شيئا يدوم ، ولكن كما قال الأول:

[ ص: 113 ]


وكل جديد يا أميم إلى بلى وكل امرئ يوما يصير إلى كان

ثم أتى مجلسه فاستلقى وقال:


اعمل على مهل فإنك ميت     واكدح لنفسك أيها الإنسان
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى     وكأن ما هو كائن قد كان

وفي هذه السنة:

بعث عبد الملك خالد بن عبد الله على البصرة واليا ، ووجه خالد عبد الله بن أبي بكرة خليفة له على البصرة ، ورجع عبد الملك إلى الشام .

وفيها: افتتح قيسارية .

وفيها: نزع ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف عن المدينة ، واستعمل عليها طلحة بن عبيد الله بن عوف ، وهو آخر وال لابن الزبير على المدينة ، ثم قدم طارق بن عمرو مولى عثمان ، فهرب طلحة وأقام طارق .

وفيها: قام عبد الله بن الزبير بمكة حين بلغه قتل أخيه مصعب ، وقال: الحمد لله الذي له الخلق والأمر ، إنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا ، وأفرحنا ، [أتانا] قتل مصعب رحمه الله ، فأما الذي أفرحنا أن قتله شهادة ، وأما الذي أحزننا فإن الفراق للحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة ، ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق ، أسلموه وباعوه بأقل الثمن ، فلا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبي العاص ، والله ما قتل منهم رجل في زحف في الجاهلية ولا الإسلام ، وما نموت إلا قعصا بالرماح ، وموتا تحت ظلال السيوف .

وفيها: حج بالناس عبد الله بن الزبير بن العوام .

[ ص: 114 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية