الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 166 ] وفي هذه السنة تحرك صالح بن مسرح أحد بني امرئ القيس ، وكان يرى رأي الصفرية

وقيل: إنه أول من خرج منهم ، وكان صالح هذا ناسكا عابدا ، وله أصحاب يقرئهم القرآن ، ويفقههم ويقص عليهم ، ويقدم الكوفة فيقيم بها الشهر والشهرين ، وكان بأرض الموصل ، وله كلام مستحسن ، وكان إذا فرغ ذكر أبا بكر وعمر فأثنى عليهما ، وذكر ما أحدث عثمان وعلي وتحكيمه الرجال ، فيتبرأ منهما ، ثم يدعو إلى مجاهدة أئمة الضلال ، ويقول: تيسروا للخروج من دار الفناء إلى دار البقاء ، واللحاق بإخواننا المؤمنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة ، ولا تجزعوا من القتل في الله ، فإن القتل أيسر من الموت ، والموت نازل بكم .

فبينا هو كذلك ورد عليه كتاب شبيب يقول فيه: قد كنت دعوتني يا صالح إلى أمر فاستجبت له ، فإن كان ذلك من شأنك فبادر فإنك شيخ المسلمين ، وإن أردت تأخير ذلك فأعلمني ، فإن الآجال غادية ورائحة ، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين ، جعلنا الله وإياك ممن يريد الله بعمله .

فأجابه صالح أني مستعد فأقدم ، فقدم عليه في جماعة من أهله فواعدهم الخروج في صفر سنة ست وسبعين ، ثم قال صالح لأصحابه: اتقوا الله ولا تعجلوا إلى قتال أحد إلا أن يريدوكم؛ فإنكم خرجتم غضبا لله .

وحج صالح في سنة خمس وسبعين ومعه شبيب بن يزيد ، وسويد ، والبطين وأشباههم .

التالي السابق


الخدمات العلمية