الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1218 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، حدثني إسحاق، أنا أبو عاصم، أنا ابن جريج، أنا ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            فقال قوم: معنى "التغني" هو تحسين الصوت وتحزينه، لأنه أوقع في النفوس، وأنجع في القلوب. [ ص: 486 ] .

                                                                            وروي عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم".

                                                                            ذهب بعضهم إلى أن هذا من المقلوب، ومعناه: "زينوا أصواتكم بالقرآن"، ويروى هكذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يقال: عرضت الناقة على الحوض، أي: عرضت الحوض على الناقة.

                                                                            وفيه دليل على أن المسموع من قراءة القارئ هو القرآن، وليس بحكاية القرآن.

                                                                            وقيل: معنى "التغني" هو الاستغناء، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، فمعناه: ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره.

                                                                            وسئل ابن الأعرابي، عن هذا، فقال: كانت العرب تتغنى إذا ركبت الإبل، وإذا جلست في الأفنية، وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون القرآن هجيراهم مكان التغني. [ ص: 487 ] .

                                                                            قال الشافعي: لو كان معنى "يتغنى بالقرآن" على الاستغناء، لكان "يتغانى" وتحسين الصوت هو يتغنى، قال الشافعي: فلا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه ما كان، وأحب ما يقرأ إلي حدرا وتحزينا. [ ص: 488 ] .

                                                                            وقرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان، فكره ذلك أنس، قال محمد بن سيرين: كانوا يرون هذه الألحان في القرآن محدثة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية