الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1188 - أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الكيالي ، أنا أبو نصر محمد بن علي بن الفضل بن محمد بن عقيل الخزاعي، يعرف بفضلان، أنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، نا محمد بن [ ص: 446 ] عبد الوهاب، نا خالد بن مخلد القطواني، حدثني محمد بن جعفر بن أبي كثير، وهو أخو إسماعيل، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: " مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب، وهو قائم يصلي، فصاح به، فقال: "تعال يا أبي، فعجل أبي في صلاته"، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟ أليس الله يقول: ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ) "، قال أبي: لا جرم يا رسول الله، لا تدعوني إلا أجبتك وإن كنت مصليا، قال: "تحب أن أعلمك سورة لم تنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها؟" فقال أبي: نعم يا رسول الله، فقال: "لا تخرج من باب المسجد حتى تعلمها" والنبي صلى الله عليه وسلم يمشي يريد أن يخرج من المسجد، فلما بلغ الباب ليخرج، قال له أبي: السورة يا رسول الله، فوقف، فقال: "نعم كيف تقرأ في صلاتك؟"، فقرأ أبي أم القرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها، [ ص: 447 ] وإنها لهي السبع من المثاني التي آتاني الله عز وجل".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            وقوله: "وإنها لهي السبع من المثاني" قيل: أراد: هي السبع المثاني، كما في الرواية الأولى، و "من" زائدة، وأراد بها فاتحة الكتاب هي سبع آيات، سميت الفاتحة مثاني، لأنها تثنى في الصلاة في كل ركعة.

                                                                            وقيل: سميت الفاتحة مثاني، لأنها استثنيت لهذه الأمة، لم تنزل على من قبلها، وقيل: سميت مثاني، لما فيها من الثناء، فهي مفاعل من الثناء، والواحد مثنى، كالمحامد، واحدها محمدة.

                                                                            وكذلك فسروا قوله عز وجل: ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) .

                                                                            وقيل: المراد من "المثاني" في هذا الحديث: القرآن كله، قال الله سبحانه وتعالى: ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ) سمي القرآن كله مثاني، لأن القصص والأمثال ثنيت فيه، فمعنى قوله: "إنها السبع من المثاني" أي: الفاتحة سبع آيات من جملة القرآن في قوله تعالى: ( ولقد آتيناك سبعا [ ص: 448 ] من المثاني ) : إن المراد من المثاني السور التي تقصر عن المئين، وتزيد على المفصل، قيل لها: مثاني، كأن المئين جعلت مبادي، والتي تليها مثاني.

                                                                            وفي الحديث دليل على أن إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة لا تبطل الصلاة، كما أنك تخاطبه بقولك: السلام عليك أيها النبي، ومثله يبطل الصلاة مع غيره.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية