الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            990 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القارئ، أنه قال: " خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل، [ ص: 119 ] فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، فقال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون.

                                                                            يريد: آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله ".

                                                                            هذا حديث صحيح، وأخرج محمد هذه القصة، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.

                                                                            قوله: "أوزاع" أي: جماعات متفرقة لا واحد لها من لفظها، يقال: وزعت الشيء بينهم، أي: فرقته وقسمته.

                                                                            وقوله: "نعمت البدعة هذه" إنما دعاه بدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وأثنى عليها بقوله: "نعم" ليدل على فضلها، ولئلا يمنع هذا اللقب من فعلها، ويقال: "نعم" كلمة تجمع المحاسن كلها، "وبئس" كلمة تجمع المساوئ كلها.

                                                                            وقيام شهر رمضان جماعة سنة غير بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين". [ ص: 120 ] .

                                                                            قال رحمه الله: اختلف أهل العلم في قيام شهر رمضان، روي ذلك عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، أنه قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب، وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.

                                                                            وقال مالك، عن يزيد بن رومان: كان الناس يقومون في زمان عمر بثلاث وعشرين ركعة في رمضان. [ ص: 121 ] .

                                                                            ورأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، وهو [ ص: 122 ] قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم، وهو اختيار إسحاق. [ ص: 123 ] .

                                                                            وأما أكثر أهل العلم، فعلى عشرين ركعة يروى ذلك عن عمر، وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأصحاب الرأي، قال الشافعي: وهكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون عشرين ركعة.

                                                                            ولم يقض أحمد فيه بشيء.

                                                                            واختار ابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، الصلاة مع الإمام في شهر رمضان.

                                                                            واختار الشافعي أن يصلي وحده إذا كان قارئا [ ص: 124 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية