الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1065 - وأخبرنا عمر بن عبد العزيز الفاشاني، أنا القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، نا محمد بن حاتم الجرجرائي، نا ابن المبارك، عن الأوزاعي، حدثني حسان بن عطية، حدثني أبو الأشعث الصنعاني، حدثني أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".

                                                                            هذا حديث حسن، وأبو الأشعث الصنعاني، اسمه شراحيل بن آدة، شامي [ ص: 237 ] قوله: "غسل واغتسل، وبكر وابتكر" اختلفوا في معناها، منهم من، قال: معنى اللفظين واحد، وقصد به التأكيد والمبالغة، كقوله: مشى ولم يركب، هما لفظان معناهما واحد، والعرب تشتق من اللفظة لفظة أخرى عند المبالغة، كقولهم: جاد مجد، وليل لائل، وشعر شاعر.

                                                                            وقال بعضهم: "غسل" معناه: غسل الرأس خاصة، لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤونة، فأفردها بالذكر، و "اغتسل" يعني غسل سائر الجسد، وإليه ذهب مكحول، وبه قال ابن المبارك.

                                                                            وقيل: "غسل" يعني أعضاء وضوئه، و "اغتسل" يعني سائر جسده.

                                                                            وقال بعضهم: "غسل" معناه: أصاب أهله قبل الخروج إلى الجمعة، ليكون أملك لنفسه، وأحفظ في طريقه لبصره، ومن هذا قول العرب: "فحل غسلة" إذا كان كثير الضراب، واغتسل بنفسه، يحكى هذا المعنى عن وكيع.

                                                                            وقوله: "بكر وابتكر" قيل: معنى بكر، أي: أتى الصلاة لأول وقتها، وابتكر: أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها، وقال ابن الأنباري: معنى: بكر أي: تصدق قبل خروجه، وتأول فيه الحديث "باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها". [ ص: 238 ] .

                                                                            قوله: ولم يلغ، يريد: لم يتكلم، لأن الكلام في وقت الخطبة لغو، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قلت لأخيك: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت ".

                                                                            ويروى" من مس الحصا فقد لغا "، يعني: قد تكلم.

                                                                            وقيل: لغا عن الصواب، أي: مال عنه، وقيل: أي: خاب، وقوله سبحانه وتعالى: ( لا يسمعون فيها لغوا ) أي كلاما مطرحا، وألغى، أي: أسقط، فاللغو: كل ما ينبغي أن يلغى ويسقط، وفيه ثلاث لغات، لغا يلغو، وألغى يلغي، ولغى يلغى، وقوله سبحانه وتعالى: ( والغوا فيه ) من لغا: إذا تكلم بما لا محصول له، قال سلمان: إياكم وملغاة أول الليل، يريد اللغو والباطل [ ص: 239 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية