الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1132 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الرحيم بن منيب، نا الفضل بن موسى ، نا حسين بن واقد، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فحضرنا النحر، فاشتركنا في الجزور عن عشرة، والبقرة عن سبعة".

                                                                            وهذا حديث حسن غريب [ ص: 356 ] ولو وجب على رجل سبع شياه هدايا في الحج، بأن تمتع، وحلق، ولبس، وتطيب، فذبح عن الكل بدنة، أو بقرة جاز.

                                                                            ولو اشترك سبعة في بدنة، أو بقرة بعضهم ينوي قربة، والبعض يريد اللحم، جوزه الشافعي، وقال مالك: لا يجوز الاشتراك في شيء من النسك، إلا أن يكونوا أهل بيت واحد، وقال أبو حنيفة: إن كان كلهم يريدون النسك يجوز، وإن كان بعضهم يريد النسك، وبعضهم اللحم، لم يجز.

                                                                            أما الشاة الواحدة، فلا تجزئ إلا عن واحد، قال رحمه الله: فلو ذبحها عن نفسه، وأهل بيته، فحسن، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ضحى بكبش، وقال: "هذا عني وعمن لم يضح من أمتي".

                                                                            وصح عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحى، فأضجعه وذبحه، [ ص: 357 ] وقال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ".

                                                                            قولها: "يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد"، أي: أسود القوائم، والمرابض، والمحاجر.

                                                                            وعن عطاء بن يسار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه، وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس، فصارت كما ترى.

                                                                            وروي عن أبي هريرة، وابن عمر أنهما كانا يفعلان ذلك، وأجازه مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو أن [ ص: 358 ] يضحي الرجل الشاة عنه، وعن أهل بيته، وكرهه الثوري، وأصحاب الرأي.

                                                                            ولو ضحى عن ميت جاز، روي عن حنش، عن علي، أنه كان يضحي بكبشين، أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر عن نفسه، فقيل له؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أوصاني أن أضحي عنه"، فأنا أضحي عنه.

                                                                            ولم ير بعض أهل العلم التضحية عن الميت، وقال ابن المبارك: أحب إلي أن يتصدق عنه، ولا يضحي، وإن ضحى، فلا يأكل منها شيئا، ويتصدق بها كلها [ ص: 359 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية