الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1161 - أخبرنا أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن إسحاق، وهو ابن عبد الله بن كنانة، عن أبيه، قال: أرسلني الوليد بن عقبة، وهو أمير المدينة، إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته، فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا، متضرعا حتى أتى المصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد". [ ص: 402 ] .

                                                                            قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

                                                                            وفي رواية: "حتى أتى المصلى فرقي على المنبر".

                                                                            قال رحمه الله: السنة في الاستسقاء أن يخرج إلى المصلى، فيبدأ بالصلاة، فيصلي ركعتين مثل صلاة العيدين، يكبر في الأولى سبعا سوى تكبيرة الافتتاح، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام، ويجهر فيهما بالقراءة، ثم يخطب، يروى ذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، وعلي أنهم كبروا في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا، وجهروا بالقراءة، وإليه ذهب [ ص: 403 ] ابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، وهو قول الشافعي، وأحمد.

                                                                            وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يصلي، بل يدعو، وقال بعضهم: يصلي ركعتين كسائر الصلوات، وهو قول مالك، [ ص: 404 ] وذهب قوم إلى أنه يقدم الخطبة على الصلاة، كما في صلاة الجمعة، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وجماعة.

                                                                            والسنة أن يخطب خطبتين، ثم في أثناء الخطبة الثانية يستقبل القبلة، ويحول رداءه، فيجعل أسفل ما على جانبه الأيسر على عاتقه الأيمن، وأسفل ما على جانبه الأيمن على عاتقه الأيسر، فيحصل به التقليب والتنكيس، هذا إذا كان الرداء مربعا، فإن كان مدورا قلبه، ولم ينكسه، وهو أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر، وما على عاتقه الأيسر على الأيمن، وإذا استقبل القبلة، وحول رداءه رفع يديه، فدعا الله سرا، وقال أحمد، وإسحاق: يجعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين، ولا ينكس، وقول مالك قريب منه.

                                                                            وروي عن عباد بن تميم، عن عمه في حديث الاستسقاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "وحول رداءه، وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، ثم دعا الله".

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية