الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1168 - أخبرنا أبو عبد الله الخرقي، أنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري، نا أحمد بن علي الكشميهني، نا علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، نا حميد، عن أنس، قال: " قحط المطر عاما، فقام بعض المسلمين [ ص: 416 ] إلى النبي صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة، فقالوا: يا نبي الله، قحط المطر، وأجدبت الأرض، وهلك المال، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، وما نرى في السماء سحابة، فمد يديه حتى رأيت بياض إبطيه يستسقي الله، فقال: فما صلينا الجمعة حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أهله، فدامت جمعة، فلما كانت الجمعة التي تليها، قالوا: يا رسول الله، تهدمت البيوت، واحتبس الركبان، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لسرعة ملالة ابن آدم، قال بيده: " اللهم حوالينا ولا علينا، قال: فتكشطت عن المدينة ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            قوله: "اللهم حوالينا" فيه إضمار، أي: اجعله حوالينا، أو أمطر حوالينا في موضع النبات والصحارى، لا في موضع الأبنية، يقال: رأيت الناس حوله وحوليه وحواله وحواليه، ويجمع أحوالا.

                                                                            وروي عن جابر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يواكي، فقال: "اللهم اسقنا غيثا مريئا مريعا، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل"، قال: فأطبقت عليهم السماء. [ ص: 417 ] .

                                                                            قال الخطابي : قوله "يواكي" معناه: التحامل على يديه إذا رفعهما، ومدهما في الدعاء، ومن هذا التوكؤ على العصا، وهو التحامل عليها.

                                                                            وقوله: مريعا أي: ذا مراعة وخصب، يقال: أمرعت البلاد: إذا أخصبت، ويروى: "مربعا" بالباء، أي: منبتا للربيع، ويقال: المربع: المغني عن الارتياد لعمومه، والناس يربعون حيث شاؤوا، ولا يحتاجون إلى النجعة، ومنه قولهم: اربع على نفسك، أي اثبت وارفق، بها، ويروى: مرتعا، أي: ينبت الله به ما ترتع فيه الإبل، يقال: رتعت الإبل، وأرتعها الله عز وجل، والرتعة، بسكون التاء وحركتها، الاتساع في الخصب، وكل مخصب مرتع، ومنه قوله تعالى: ( يرتع ويلعب ) .

                                                                            قوله: "أطبقت" أي: ملأت، وفي الدعاء: "اسقنا غيثا طبقا" أي: مالئا الأرض، والغيث الطبق: هو العام الواسع يطبق الأرض بالماء [ ص: 418 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية