الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1038 - نا.

                                                                            أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا محمود بن غيلان، نا وكيع، ويحيى بن آدم، قالا: نا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع".

                                                                            هذا حديث صحيح [ ص: 190 ] قال رحمه الله: اتفق أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم على جواز النافلة في السفر على الدابة متوجها إلى الطريق، ويجب أن ينزل لأداء الفريضة.

                                                                            واختلفوا في الوتر، فذهب أكثرهم إلى جوازها على الراحلة، روي ذلك عن علي، وعبد الله بن عباس، وابن عمر، وهو قول عطاء، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

                                                                            وقال أصحاب الرأي: لا يوتر على الراحلة، وقال النخعي: كانوا يصلون الفريضة والوتر بالأرض.

                                                                            ويجوز أداء النافلة على الراحلة في السفر الطويل والقصير جميعا عند أكثرهم، وهو قول الأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وقال مالك: لا يجوز إلا في سفر تقصر فيه الصلاة، وإذا صلى على الدابة يفتتح الصلاة إلى القبلة إن تيسر عليه، ثم يقرأ ويركع، ويسجد حيث توجهت به راحلته، ويومئ بالركوع والسجود برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع.

                                                                            روي عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل القبلة بناقته، فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه".

                                                                            وجوز الأوزاعي للماشي على رجله أن يصلي بالإيماء مسافرا كان، أو غير مسافر، وكذلك على الدابة إذا خرج من بلده لبعض حاجته. [ ص: 191 ] .

                                                                            قال رحمه الله: من صلى في سفينة يصلي قائما، إلا أن يدور رأسه، فلا يقدر على القيام، وقال أبو حنيفة: يتخير بين القيام والقعود.

                                                                            وقد أورد الحاكم في المستدرك على شرط الصحيحين بإسناده، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أصلي في السفينة؟ قال: "صل فيها قائما، إلا أن تخاف الغرق". [ ص: 192 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية