الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب جميع ساعات الليل وقت للوتر.

                                                                            970 - أخبرنا أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا أحمد بن منيع، نا أبو بكر بن عياش، نا أبو حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، أنه سأل عائشة، عن وتر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: "من كل الليل قد أوتر، أوله، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره حين مات في السحر".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي حصين، وأخرجاه من طرق، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق.

                                                                            وأبو حصين: اسمه عثمان بن عاصم الأسدي.

                                                                            قال رحمه الله: في هذا الحديث بيان أن جميع ساعات الليل بعد [ ص: 93 ] دخول وقت العشاء إلى طلوع الفجر الصادق وقت للوتر، واختار قوم أن لا ينام قبل الوتر خوفا من أن لا يستيقظ في آخر الليل، فإن استحكمت عادته على قيام آخر الليل، أخر الوتر إلى آخره، روي عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي بكر: "متى توتر؟"، قال: من أول الليل، وقال لعمر: "متى توتر؟"، قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر: "أخذ هذا بالحزم"، وقال لعمر: "أخذ هذا بالقوة".

                                                                            وقال رحمه الله: فلو أنه أوتر في أول الليل، ونام، ثم قام في آخره، فذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمن بعدهم إلى نقض الوتر، وهو أن يصلي ركعة حتى يصير ما فعل شفعا، ثم يصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته، لأنه روي عن طلق بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا وتران في ليلة"، وهو حديث غريب، وبه قال عمر. [ ص: 94 ] .

                                                                            وقال نافع: كنت بمكة مع عبد الله بن عمر، والسماء متغيمة، فخشي الصبح، فأوتر، ثم تكشف الغيم، فرأى عليه ليلا، فشفع بواحدة، ثم صلى بعد ذلك ركعتين، فلما خشي الصبح أوتر بواحدة.

                                                                            وقال مسروق: سألت ابن عمر عن نقضه وتره، فقال: هو شيء أفعله لا أرويه عن أحد، وهو قول إسحاق، وذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوتر ولا يعيده، لأنه ثبت من غير وجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر.

                                                                            وروي عن قيس بن طلق، قال: زارنا طلق بن علي في رمضان، [ ص: 95 ] ثم قام بنا تلك الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر، قدم رجلا، فقال: أوتر بأصحابك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "لا وتران في ليلة".

                                                                            وروي عن أبي جمرة، قال: سألت عائذا، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب الشجرة: هل ينقض الوتر؟ قال: إذا أوترت من أوله، فلا توتر من آخره، وهذا قول سفيان الثوري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وهذا أصح [ ص: 96 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية