الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا .

[83] ويسألونك عن ذي القرنين هو الإسكندر الذي ملك الدنيا ، وكان في زمن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ، وقيل : اسمه عبد الله ، أو مرزبان ، وكان عبدا صالحا ، أحب الله فأحبه الله ، وناصح الله فناصحه الله ، وهو من ذرية نوح عليه السلام ، وسمي ذا القرنين ؛ لأنه بلغ قرني الشمس : مشرقها ومغربها ، وقيل : بعثه الله إلى قومه ، ولم يكن نبيا ، فأمرهم بالتقوى ، فضربوه على قرنه فمات ، فأحياه الله تعالى ، ثم بعثه مرة أخرى إليهم ، فضربوه على قرنه فمات ، فأحياه ، فسمي ذا القرنين ، وقيل غير ذلك .

قال ابن عطية : أحسن الأقوال أنه كان ذا ظفرتين من شعرهما قرناه ، فسمي به ، والظفائر قرون الرأس .

وروي أن جميع من ملك الدنيا كلها أربعة : مؤمنان ، وكافران ، فالمؤمنان : سليمان بن داود ، والإسكندر ، والكافران : نمرود ، وبخت نصر .

وتوفي الإسكندر بناحية السواد بشهرزور بعد أن غزا الهند حتى انتهى [ ص: 212 ] إلى البحر المحيط ، فهال ذلك ملوك المغرب ، فوفدت عليه رسلهم بالانقياد والطاعة ، ودخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي وبحر الشمس في الجنوب في أربع مئة رجل من أصحابه يطلب عين الحياة ، فلم يصبها ، فسار فيه ثمانية عشر يوما ، وبنى اثنتي عشرة مدينة سماها كلها إسكندرية ، وكانت مملكته اثنتي عشرة سنة ، وقيل : ثلاث عشرة ، وقيل : أربع عشرة ، وكان عمره ستا وثلاثين سنة ، كذا نقله بعض المؤرخين ، وقال الكواشي : قالوا : وعاش ألفا وست مئة سنة ، وحكى البيضاوي قولا أن سبب تسميته بذي القرنين ؛ لأنه انقرض في أيامه قرنان من الناس ، والله أعلم .

قل سأتلو عليكم سأذكر لكم منه من خبره ذكرا خبرا .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية