الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى [طه : 63] .

[63] قالوا تفسير لـ وأسروا النجوى :

إن هذان لساحران يعني : موسى وهارون . قرأ أبو عمرو : (إن ) بتشديد النون (هذين ) بالياء على الأصل ، وقرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم : (إن ) بتخفيف النون (هذان ) بالألف ، فابن كثير يشدد النون من (هذان ) ، وحفص يخففها ؛ أي : ما هذان إلا ساحران ؛ كقوله تعالى : وإن نظنك لمن الكاذبين [الشعراء : 186] ، أي : ما نظنك إلا من الكاذبين ، وقرأ الباقون : (إن ) بتشديد النون كأبي عمرو ، و (هذان ) بالألف وتخفيف النون من (هذان ) كحفص ، فيكون (إن ) بمعنى : نعم ، و (هذان ) مبتدأ ، و (ساحران ) خبر مبتدأ محذوف ، واللام داخلة على الجملة ، تقديره : هذان لهما ساحران ، أو (هذان ) مبتدأ ، (ساحران ) خبره ، واللام زائدة ، قال [ ص: 304 ] الكواشي : والقراءة بتشديد (إن ) ونصب (هذين ) زعموا أنها مخالفة لخط المصحف ، وزعم بعضهم أنما حمله على ذلك خشية اللحن ، وهذا طعن في عدالة أبي عمرو وعلمه ؛ لأنه هو الذي قرأها ؛ لأن هذا يشعر أنه قرأها من تلقاء نفسه ، لم يأخذها متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه غير عالم بتعليل (إن هذان ) بالرفع وتشديد (إن ) ، وكيف يجوز اعتقاد مثل هذا بمن شهد له بالعدالة والبراعة في علم العربية ، حتى زعموا أنه قال : إني لأستحي من الله أن أقرأ : (إن هذان ) يعنون : بالرفع وتشديد (إن ) ، وكيف يجوز أن يعتقد بأحد من المسلمين أنه يستحيي من قراءة ما صح وتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مع أن أبا عمرو وغيره من الأئمة كانوا ينشدون ويسمعون الأشعار المنحولة والغريبة ، ولا يؤخذ ذلك عليهم ، انتهى .

يريدان أن يخرجاكم من أرضكم مصر بسحرهما ويذهبا بطريقتكم بدينكم وشريعتكم المثلى تأنيث الأمثل ، وهو الأعدل .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية