الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 220 ]

آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا [الكهف : 96] .

[96] ثم قال : آتوني زبر الحديد حتى قطعه ، جمع زبرة . قرأ أبو بكر عن عاصم : (ردما ائتوني ) بكسر التنوين ووصل التنوين مع همزة ساكنة بعده ، من باب المجيء ، وإذا ابتدأ ، كسر همزة الوصل ، وأبدل الهمزة الساكنة بعدها ياء ، والباقون : بقطع الهمزة ومدة بعدها في الحالين ؛ من الإعطاء ، وورش على أصله يلقي حركة الهمزة على التنوين قبلها ، فجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب ، والبنيان من زبر الحديد بعضها فوق بعض ، وجعل بينهما الحطب والفحم .

حتى إذا ساوى قرأ أبان عن عاصم : (سوى ) بتشديد الواو من غير ألف ، وقرأ الباقون : (ساوى ) بالألف وتخفيف الواو ؛ أي : ملأ .

بين الصدفين قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وابن عامر : بضم الصاد والدال ، وروى أبو بكر عن عاصم : بضم الصاد وإسكان الدال ، والباقون : بفتحهما ، وكلها لغات ، معناها : الناحيتان من الجبلين ؛ لأنهما يتصادفان ؛ أي : يتقابلان ، فلما ملأ ما بينهما بالزبر والحطب ، ووضع حوله منافخ . [ ص: 221 ]

قال انفخوا فنفخوا النار .

حتى إذا جعله أي : الحديد نارا أي : كالنار .

قال آتوني قرأ حمزة ، وأبو بكر بخلاف عنه : (قال ائتوني ) بوصل الألف وهمزة ساكنة ؛ من باب المجيء ، وإذا ابتدآ ، كسرا همزة الوصل ، وأبدلا الهمزة الساكنة ياء ، والباقون : بقطع الهمزة ومدة بعدها في الحالين من الإعطاء أفرغ أصب .

عليه قطرا نحاسا مذابا ، فجعلت النار تأكل الحطب ، وتصير النحاس مكان الحطب ، حتى لزم الحديد النحاس ، وكان طوله مئة فرسخ ، وعرضه خمسين ذراعا ، وارتفاعه مئتي ذراع ، وقيل غير ذلك .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية