الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا .

[6] وقد روي أن سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام عمر بيت المقدس من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ، وكان عمده ذهبا ، أعطاه الله ذلك ، وسخر له الجن والشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين ، وعمل [ ص: 80 ] فيه عملا لا يوصف ، فلم يكن يومئذ في الأرض بيت أبهى ولا أنور من ذلك المسجد ، كان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر ، وكانت صخرة بيت المقدس أيام سليمان ارتفاعها اثنا عشر ذراعا ، وكان الذراع ذراع الأمان ذراع وشبر وقبضة ، وكان ارتفاع القبة التي عليها ثمانية عشر ميلا ، وفوق القبة غزال من ذهب بين عينيه درة أو ياقوتة حمراء تغزل نساء أهل البلقاء على ضوئها بالليل ، وهي من فوق مرحلتين من القدس ، وكان أهل عمواس يستظلون بظل القبة إذا طلعت الشمس من المشرق ، وعمواس بفتح الميم وسكونها ، وهي التي سمي بها الطاعون على الراجح ؛ لأنه منها ابتدأ ، وكان في سنة ثماني عشرة من الهجرة ، وهي بالقرب من رملة فلسطين ، مسافتها عن بيت المقدس نحو بريد ونصف ، وإذا غربت الشمس استظل بها أهل بيت الرامة من الغور ، ومسافتها عن بيت المقدس أبعد من عمواس ، وبين عمارة سليمان عليه السلام للمسجد الأقصى وبين الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها الصلاة والسلام ألف وثمان مئة وقريب سنتين ، وسيأتي ذكر بنائه في تفسير سورة سبأ عند قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب [سبأ : 13] ، واستمر على العمارة السليمانية أربع مئة وثلاثا وخمسين سنة إلى أن غزاهم بخت نصر ، وخرب العمارة السليمانية ، وأحرق بيت المقدس وخربه ، واحتمل منه ثمانين عجلة ذهبا وفضة ، وأباد بني إسرائيل قتلا وتشريدا ، واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة كما تقدم ذكره في سورة البقرة ، ثم أهلك الله بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه ، ونجى الله من بقي من بني إسرائيل ، ولم يمت ببابل . [ ص: 81 ]

ثم رددنا لكم الكرة الدولة العلية .

عليهم أي : على الذين قتلوكم حين تبتم .

وأمددناكم بأموال وبنين روي أن الله تعالى أوحى إلى أرمياء النبي عليه السلام أن كورش يعمر بيت المقدس ، وهو ملك من ملوك الفرس ، وكان مؤمنا ، فسار كورش ببني إسرائيل ، وحلي بيت المقدس حتى رده إليه ، وعمر بيت المقدس ، وعاد البلد أحسن مما كان ، وأصعد إليها من بني إسرائيل أربعين ألفا ، وقربوا القرابين على رسومهم الأولى ، ورجعت إليهم دولتهم ، وعظم محلهم عند الأمم ، واستمر بيت المقدس عامرا سبع مئة وإحدى وعشرين سنة .

وجعلناكم أكثر نفيرا عددا ، والنفير : من ينفر مع الرجل من قومه .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية