الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم .

[106] روي أن عمار بن ياسر سب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المشركين مكرها ، فقال المسلمون : قد كفر عمار ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : "كلا ، إن عمارا قد ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه" ، فأتى عمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : نلت منك يا رسول الله ، قال : "كيف وجدت قلبك ؟ " قال : مطمئنا ، [ ص: 59 ] فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح عيني عمار ويقول : "إن عادوا فعد لهم بما قلت" ، فنزل فيه وفيمن جرى مجراه : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره على كلمة الكفر استثناء متصل ؛ لأن الكفر يطلق على القول والاعتقاد .

وقلبه مطمئن بالإيمان لم تتغير عقيدته ، لا يدخل في هذا الحكم .

ولكن من شرح بالكفر صدرا أي : طاب به نفسا .

فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إذ لا أعظم من جرمه .

واتفق الأئمة على أن من أكره على كلمة الكفر ، يجوز له أن يقول بلسانه ، وإذا قال غير معتقد بقلبه ، لا يكفر ، وإن أبى حتى يقتل كان أفضل .

واختلفوا في طلاق المكره ، فأجازه أبو حنيفة ، وأبطله الثلاثة ، وأما المكره بحق ، فهو مكلف بالاتفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية