الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور .

[40] أو كظلمات عطف على قوله : كسراب ، وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكفار ؛ أي : أعمالهم في فسادها وجهالتهم فيها كالظلمات .

في بحر لجي عميق ، منسوب إلى اللج ؛ أي : ذو لج ، وهو معظم الماء .

يغشاه يعلو البحر .

موج من فوقه فوق الموج موج آخر ؛ لأن الموج يركب بعضه بعضا ؛ لكثرته .

من فوقه فوق الموج سحاب قرأ البزي عن ابن كثير : (سحاب ) بغير تنوين (ظلمات ) بالخفض على الإضافة ، وقرأ قنبل عنه : (سحاب ) بالتنوين (ظلمات ) بالخفض على البدل من قوله : (أو كظلمات ) ، وقرأ [ ص: 545 ] الباقون : (سحاب ) (ظلمات ) كلاهما بالرفع والتنوين ، فيكون تمام الكلام عند قوله : (سحاب ) ، ثم ابتدأ .

ظلمات بعضها فوق بعض فشبهت أعمال الكفار واغترارهم بها بسراب يغتر به من طلبه ، ثم شبهت لسوادها لكفرهم بظلمات بعضها فوق بعض ، والمراد ؛ ظلمة الموج على ظلمة البحر ، وظلمة الموج على الموج ، وظلمة السحاب على الموج ، فشبه عمل الكافر بالظلمات ، وقلبه بالبحر ، وما يغشى قلبه من الشرك بالموج ، والختم على قلبه بالسحاب ، فكلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، وقلبه وجميع أحواله ظلمة ، ومصيره إلى جهنم .

إذا أخرج يعني الناظر يده لم يكد لم يقرب من أن يراها فضلا أن يراها ؛ لشدة الظلمة .

ومن لم يجعل الله له نورا هداية وإيمانا في الدنيا .

فما له من نور هداية في الآخرة إلى الجنة .

نزلت هذه الآية عامة في جميع الكفار ، وقيل : إنها نزلت في عتبة بن ربيعة بن أمية ، تعبد في الجاهلية ، ولبس المسوح ، والتمس الدين ، فلما جاء الإسلام ، كفر .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية