الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 308 ]

قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى [طه : 71] .

[71] قال فرعون : آمنتم له قبل أن آذن لكم قرأ حفص عن عاصم ، ورويس عن يعقوب ، وقنبل عن ابن كثير بخلاف عنه : (أمنتم ) بهمزة واحدة على الخبر ، والباقون : بهمزتين على الاستفهام ، فحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلف ، وروح عن يعقوب يقرؤون بتحقيق الهمزتين على الأصل ، والباقون : بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية ، ولم يدخل أحد منهم ألفا بين الهمزة المحققة والمسهلة في هذا المحل ؛ كما أدخلها من أدخلها منهم في (أأنذرتهم ) وبابه ، لكراهية اجتماع ثلاث ألفات بعد الهمزة ، وأبو عمرو يدغم التاء في السين من قوله : (السحرة سجدا ) ، ومعنى الكل إنكار؛ أي : أصدقتم لموسى ، وآمنتم بربه من غير أمري إياكم .

إنه لكبيركم لرئيسكم ومعلمكم .

الذي علمكم السحر وأنتم تواطأتم على ما فعلتم .

فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف اليد اليمنى والرجل اليسرى ، و (من ) لابتداء الغاية ؛ لأن القطع مبتدأ من مخالفة العضو العضو ؛ أي : [ ص: 309 ]

لأقطعنها مختلفات ، وابتداء الغاية داخلها بالاتفاق ، لا انتهاؤها عند المالكية والشافعية والحنابلة ، وعن أبي بكر من أصحاب أحمد : إن كانت الغاية من جنس المحدود كالمرافق ، دخلت ، وإلا ، فلا ، وعند الحنفية : إن قامت الغاية بنفسها ، لم تدخل ؛ كبعتك من هنا إلى هنا ، وإن تناوله صدر الكلام ، فالغاية لإخراج ما وراءه ؛ كالمرافق ، والغاية في الخيار ، ومنع أبو حنيفة دخول العاشر في قوله : من درهم إلى عشرة ونحوه ، وأدخله صاحباه .

ولأصلبنكم في جذوع النخل أي : عليها ولتعلمن أينا يريد : نفسه ورب موسى عليه السلام أشد عذابا وأبقى وأدوم عقابا .

التالي السابق


الخدمات العلمية