الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا .

[33] ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق قوله (ولا تقتلوا ) وما قبله من الأفعال جزم بالنهي ، والألف واللام التي في النفس هي [ ص: 97 ] للجنس ، والحق الذي يقتل به النفس هو ما فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : "لا يحل دم المسلم إلا بإحدى ثلاث خصال : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس" ، وهي الحرابة ، ومن ذلك الزندقة ، ومسألة ترك الصلاة ؛ لأنها في معنى الكفر بعد الإيمان ، ومنه قتل أبي بكر منعة الزكاة ، وقتل من امتنع في المدن من فروض الكفايات .

ومن قتل مظلوما نصب على الحال ، ومعناه : بغير هذه الوجوه المذكورة .

فقد جعلنا لوليه أي : لقرابته الذي يلي دمه سلطانا تسلطا على القاتل ، إن شاء قتل ، وإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدية .

فلا يسرف في القتل قرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : (تسرف ) بالخطاب لولي القتيل ، وقرأ الباقون : بالغيب ؛ أي : لا يسرف الولي في القتل ، والإسراف : أن يقتل غير القاتل ، أو يقتل اثنين أو أكثر بالواحد .

إنه أي : الولي كان منصورا بنصرة الشرع والسلطان ، وقيل : الضمير عائد على المقتول ، ونصره قتل قاتله ، وحصول الأجير له ، واختار [ ص: 98 ] ابن عطية أن هذا أرجح الأقوال ؛ لأنه المظلوم ، ولفظة النصر تقابل أبدا الظلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية