الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 435 ] فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد .

[45] فكأين قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر : بألف ممدودة بعد الكاف ، وبعدها همزة مكسورة ، وأبو جعفر يسهل الهمزة ، والباقون : بهمزة مفتوحة بعد الكاف وبعدها ياء مكسورة مشددة ، ووقف أبو عمرو ويعقوب (فكأي ) بغير نون حيث وقع ، ووقف الباقون : (فكأين ) ، وهي كاف التشبيه ضمت إلى الاستفهام ، فصار المعنى : وكم .

من قرية أهلكناها يعني : أهلها . قرأ أبو عمرو ، ويعقوب : (أهلكتها ) بالتاء مضمومة من غير ألف على الإفراد ، وقرأ الباقون : بالنون مفتوحة وألف بعدها جمعا على التعظيم .

وهي ظالمة أي : مشرك أهلها فهي خاوية ساقطة .

على عروشها سقوفها ؛ بأن سقطت السقوف ، ثم سقطت عليها الحيطان .

وبئر معطلة أي : وكم من بئر متروكة مع وجود الماء وآلاتها فيها ؛ لهلاك أربابها . قرأ أبو عمرو ، وأبو جعفر ، وورش : (وبير ) بغير همز ، والباقون : بالهمز . [ ص: 436 ]

وقصر مشيد مجصص من الشيد مرتفع محكم أخليته بإهلاك أربابه ، أفلم يعتبر كفار مكة بذلك ؟

روي أن هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها : حاصوراء ، وذلك أن أربعة آلاف ممن آمن بصالح -عليه السلام- نجوا من العذاب ، فأتوا حضرموت ، ومعهم صالح ، فلما حضروه ، مات صالح ، فسمي : حضرموت ؛ لأن صالحا لما حضره مات ، فبنوا حاصوراء ، وقعدوا على هذه البئر ، وأمروا عليهم رجلا ، فأقاموا دهرا ، وتناسلوا حتى كثروا ، ثم إنهم عبدوا الأصنام وكفروا ، فأرسل الله عز وجل إليهم نبيا يقال له : حنظلة بن صفوان ، وكان حمالا فيهم ، فقتلوه في السوق ، فأهلكهم الله ، وعطلت بئرهم ، وخربت قصورهم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية