الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين

فمن الحوادث فيها غزاة العباس بن الوليد أرض الروم .


ففتح الله على يده بعضها ، وغزاها أيضا مسلمة فافتتح بلادا منها .

وفيها صالح قتيبة ملك خوارزم

قالوا: كان ملك خوارزم ضعيفا فغلبه أخوه خرزاذ على أمره ، وكان خرزاذ أصغر منه ، فكان إذا بلغه أن عند أحد جارية أو دابة أو متاعا فاخرا أرسل فأخذه ، أو بلغه أن لأحد بنتا أو أختا أو امرأة جميلة أخذها ، ولا يمتنع عليه أحد ، ولا يمنعه الملك ، فإذا قيل له ، قال: لا أقوى عليه ، فلما طال ذلك عليه كتب إلى قتيبة في السر يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه ، وبعث إليه بمفتاح البلد واشترط عليه أن يسلم إليه أخاه وكل من يضاده ، يحكم فيهم بما يرى ، فرجعت الرسل بما يحب ، وسار قتيبة مظهرا أنه يريد الصغد ، فقال الملك لأصحابه: إن قتيبة يريد الصغد ، فهل لكم أن نتنعم في ربيعنا هذا ، فأقبلوا على التنعم والشراب ، وأمنوا ، فلم يشعروا إلا بقتيبة ، فقال الملك: ما ترون؟ قالوا: نقاتله ، قال: لا أرى ذلك لأنه قد عجز عنه من هو أقوى منا ، ولكن نصرفه عنا بشيء نؤديه إليه ، فصالحه على مال عظيم ، وأخذ أخاه فدفعه إليه ، ثم أتى قتيبة الصغد فصالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف كل عام ، وأن يبنى له فيها مسجد ، ويضع [ ص: 309 ] فيه منبرا فيخطب عليه ، ففعلوا ، فدخل فخطب [وصلى] فقال: لست ببارح [فاخرجوا] ، وجاءوه بالأصنام فأحرقها ، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال ، ودخل المسلمون مدينة سمرقند فصالحوهم . ثم ارتحل قتيبة راجعا إلى مرو ، واستخلف على سمرقند عبد الرحمن بن مسلم ، وخلف عنده جندا كثيفا وآلة من آلات الحرب كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية