الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الخامس والعشرون في ذكر ما جرى من الآيات في غزواته وسراياه

وذكرناها مرتبة من غزوة بدر إلى غزوة تبوك ، مبينا موضع الدلالة ووجه الآية فيها ، وفي جميع ذلك دليل على ما قلناه من أنه صلى الله عليه وسلم لم يخل شيء من أحواله عن آية شاهدة له ، ومعجزة جارية على يديه ، خليق كون ذلك له ، إذ النبوة مختومة به ، والشريعة إلى قيام الساعة قائمة به صلى الله عليه وسلم .

ما حدث من المعجزات في غزوة بدر :

400 - حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا بكر بن سهل قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقبلت عير أهل مكة من الشام فبلغ أهل المدينة ، فخرجوا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون العير ، فبلغ أهل مكة ذلك فأسرعوا السير إليها لكيلا يغلبهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الله عز وجل وعدهم إحدى الطائفتين ، وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم ، وأيسر [ ص: 470 ] شوكة ، وأحضر مغنما ، فلما سبقت العير وفاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم ، فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم ، فنزل المسلمون ، وبينهم وبين الماء رملة دعصة ، فأصاب المسلمين ضعف شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم : تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين ، فأمطر الله عز وجل عليهم مطرا شديدا ، فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وانتسق الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم ، وأمد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبرئيل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة ، قال ، فلما اختلط القوم قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال : يا رب إن تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض أبدا ، فقال له جبرئيل عليه السلام : خذ قبضة من التراب ، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم ، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية