الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
329 - حدثنا سليمان بن أحمد إملاء وقراءة قال ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم قال ثنا عمر بن ذر قال ثنا مجاهد أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول : والذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على كبدي من الجوع ، وإن كنت لأشد على بطني الحجر من الجوع ، ولقد قعدت يوما على طريقهم [ ص: 423 ] الذي يخرجون منه ، فمر بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ، ما سألته إلا ليستتبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ، وما سألته إلا ليستتبعني ، فمر لم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم وعرف ما في نفسي وما في وجهي ، ثم قال : يا أبا هريرة ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : " الحق " ثم مضى ، واتبعته فدخل ، واستأذنت فأذن لي فدخلت ، فوجد لبنا في قدح ، فقال : من أين هذا اللبن ؟ قالوا أهداه لك فلان أو فلانة ، فقال : أبا هر فقلت : لبيك يا رسول الله ، قال : الحق إلى أهل الصفة فادعهم ، قال وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون إلى أهل ولا مال ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك ، فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة ؟ كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها أنا والرسول ، فإذا جاؤوا أمرني فكنت أنا أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد ، فأتيتهم فدعوتهم ، فأقبلوا حتى استأذنوا ، فأذن لهم ، وأخذوا مجالسهم من البيت ، فقال : يا أبا هريرة ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : خذ وأعطهم ، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح فأعطيه آخر فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح ، ثم أعطيه آخر فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم ، فأخذ القدح فوضعه على يده ونظر إلي وتبسم صلى الله عليه وسلم وقال : يا أبا هر ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : " بقيت أنا وأنت ؟ " قلت : صدقت يا رسول الله ، قال : " فاقعد واشرب " ، فقعدت فشربت ، فقال : اشرب ، فشربت ، فقال : اشرب ، فشربت ، فما زال يقول : " اشرب " ، فأشرب حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ، ثم أعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة صلى الله عليه وسلم . [ ص: 424 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية