الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
51 - حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى ، ثنا سعيد بن عثمان ، ثنا علي بن قتيبة الخراساني ، قال : ثنا خالد بن إلياس ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت أبا طالب ، يحدث عن عبد المطلب ، قال : " بينا أنا نائم ، في الحجر ، إذ رأيت رؤيا هالتني ، ففزعت منها فزعا شديدا ، فأتيت كاهنة قريش ، وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي ، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير ، وأنا يومئذ سيد قومي ، فقالت : ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون ؟ هل رأيت من حدثان الدهر شيئا ؟ فقلت : بلى ، - وكان لا يكلمها أحد من الناس ، حتى يقبل يدها اليمنى ، ثم يضع يده على أم رأسها يبدو بحاجته ، ولم أفعل ، لأني كنت كبير قومي - ، فجلست ، فقلت : إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر ، كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء ، وضربت بأغصانها المشرق والمغرب ، وما رأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا ، ورأيت العرب [ ص: 100 ] والعجم ساجدين لها ، وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا ، ساعة تزهر ، ورأيت رهطا من قريش قد تعلق بأغصانها ، ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها ، فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ، ولا أطيب منه ريحا ، فيكسر أضلعهم ، ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فمنعني الشاب ، فقلت : لمن النصيب ؟ فقال : النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها ، فانتبهت مذعورا فزعا ، فرأيت وجه الكاهنة قد تغير ، ثم قالت : لئن صدقت رؤياك ، ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب ، ويدين له الناس .

ثم قال لأبي طالب : لعلك تكون هذا المولود ، فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ، ويقول : كانت الشجرة - والله أعلم - أبا القاسم الأمين ، فيقال له : ألا تؤمن به ؟ فيقول : السبة والعار " .


التالي السابق


الخدمات العلمية