الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومما جرى في غزاة المريسيع :

443 - حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عمرو بن خالد ثنا أبي ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الأسود عن عروة بن الزبير ، ذكر في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق قال :

فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعاء من طريق عسفان سرح الناس ظهورهم ، وأخذتهم ريح شديدة أشفق الناس منها ، وقيل : يا رسول الله ما شأن هذه الريح ؟ فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مات اليوم منافق عظيم النفاق ، ولذلك عصفت ، وليس عليكم منها بأس إن شاء الله ، وكان موته غائظا للمنافقين ، فسكنت الريح آخر النهار ، فجمع الناس ظهرهم ، وفقدت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسعى لها الرجال يلتمسونها ، فقال رجل من المنافقين كان في رفقة من الأنصار : أين يسعى هؤلاء ؟ قال أصحابه : يلتمسون ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضلت ، فقال المنافق : أفلا يحدثه الله بمكان راحلته ، فأنكر عليه أصحابه فقالوا : قاتلك الله ، نافقت ، فلم خرجت وهذا [ ص: 516 ] في نفسك ؟ ! قال خرجت لأصيب عرضا من الدنيا ولعمري إن محمدا يخبرنا بما هو أعظم من شأن الناقة ، فسبه أصحابه وقالوا : والله لا نكون منك بسبيل ، ولو علمنا أن هذا في نفسك ما صحبتنا ساعة ، فمكث المنافق معهم شيئا ، ثم قام وتركهم ، فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع الحديث ، فوجد الله قد حدثه حديثه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنافق يسمع : إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أفلا يحدثه الله بمكان راحلته ، وإن الله عز وجل قد حدثني بمكانها ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، وإنها في هذا الشعب المقابل لهم قد تعلق زمامها بشجرة ، فجاؤوا بها ، وأقبل المنافق حتى أتى النفر الذين قال عندهم ما قال ، فإذا هم جلوس مكانهم ، ولم يقم أحد منهم من مكانه : فقال : أنشدكم الله هل قام أحد منكم من مجلسه ، أو أتى محمدا وأخبره بالذي قلت ؟ فقالوا : اللهم لا ، ولا قمنا من مجلسنا هذا بعد ، قال : فإني وجدت عند القوم حديثي ، والله لكأني لم أسلم إلا اليوم ، وإن كنت في شك من شأنه ، فأشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال له أصحابه : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليستغفر لك ، فزعموا : أنه ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف بذنبه ، فاستغفر له .

وفي رواية حبيب بن الحسن : فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع ، وكان من عظماء اليهود ، وكهفا للمنافقين ، مات في ذلك اليوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية