الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
432 - حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسين بن إسحاق التستري قال ثنا وهب بن بقية قال ثنا خالد بن عبد الله عن أبي سعد البقال عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن حذيفة بن اليمان قال :

كنا في المسجد فقال فتى من القوم : لو أدركت النبي صلى الله عليه وسلم لخدمته ، ولفعلت وفعلت ، فقال حذيفة : لقد رأيتني ليلة الأحزاب ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي في ليلة باردة لم أر كذلك البرد قبله ولا بعده بردا أشد منه ، فحانت مني التفاتة فقال : ألا رجل يذهب إلى هؤلاء فيأتينا بخبرهم فأدخله مدخلي يوم القيامة ؟ فما قام منا أحد ، وأسكتوا ، ثم عاد ، فأسكتوا ، فقال : يا حذيفة ، فقلت : لبيك ، [ ص: 501 ] فقمت حتى أتيته ، وإن جنبي ليضطربان من البرد ، فمسح رأسي ووجهي ثم قال : اذهب إلى هؤلاء فأتنا بخبرهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع ، ثم قال : " اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته حتى يرجع " - قال : فلأن يكون أرسلها أحب إلي من الدنيا وما فيها - قال ، فأخذت سيفي وقوسي ، ثم شددت علي أحلاسي ثم انطلقت أمشي نحوهم ، كأني أمشي في حمام ، فوجدتهم قد أرسلت عليهم الريح وقطعت أطنابهم .

قال . . . . وأبو سفيان رأيته قاعدا يصطلي عند نار له فصرت إليه فأخذت سهما من كنانتي ، فوضعته في كبد القوس ، قال وكان حذيفة راميا ، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدثن حدثا حتى ترجع ، فرددت سهمي في كنانتي ، فقال رجل من القوم : ألا إن فيكم عينا للقوم ليأخذ كل رجل بيد جليسه ، فأخذت بيد جليسي فقلت من أنت ؟ فقال : سبحان الله ما تعرفني ؟ أنا فلان بن فلان فإذا رجل من هوازن ، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر وكأني أمشي في حمام ، فلما أخبرته ضحك حتى بدت ثناياه في سواد الليل ، فذهب عني الدفء ، فأدناني فأنامني رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجليه ، وألقى علي طرف ثوبه ، فإني كنت لألصق صدري بطرف قدميه ، فلما أصبحوا هزم الله الأحزاب وهو قوله تعالى فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا الآية .
[ ص: 502 ]

قال الشيخ رحمة الله عليه : وفي إرسال الله الريح عليهم المسقطة لفساطيطهم وخيمهم ، فعجزوا عن إمساك خيمهم وخيولهم ، فصرفهم الله عز وجل مغتاظين موتورين منهزمين ، فكانت الريح عذابا عليهم ونصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور .

التالي السابق


الخدمات العلمية