الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
220 - أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن قال : ثنا الحسن بن الجهم قال : ثنا الحسين بن الفرج قال : ثنا محمد بن عمر الواقدي قال : ثنا عبد الله بن وابصة العبسي ، عن أبيه ، عن جده قال : جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منازلنا - أي منازل بني عبس بمنى - ونحن نازلون بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف ، وهو [ ص: 294 ] على راحلته ، مردفا خلفه زيد بن حارثة ، فدعانا ، فوالله ما استجبنا له ، ولا خير لنا ، قال : وقد كنا سمعنا به وبدعائه في الموسم ، فوقف علينا يدعونا ، فلم نستجب له ، وكان معنا ميسرة بن مسروق العبسي ، فقال : أحلف بالله لو صدقنا هذا الرجل ، وحملناه حتى نحل به وسط رحالنا لكان الرأي ، فأحلف بالله ليظهرن أمره حتى يبلغ كل مبلغ ، فقال له القوم : دعنا عنك لا تعرضنا لما لا قبل لنا به ، فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميسرة ، فكلمه ، فقال ميسرة : ما أحسن كلامك وأنوره ، ولكن قومي يخالفونني ، وإنما الرجل بقومه ، فإن لم يعضدوه فالعدا أبعد ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج القوم صادرين إلى أهلهم ، فقال لهم ميسرة : ميلوا بنا إلى فدك ، فإن بها يهود نسائلهم عن هذا الرجل ، فمالوا إلى يهود ، فأخرجوا سفرا لهم ، فوضعوه ، ثم درسوا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي يركب الجمل ، ويجتزئ بالكسرة ، وليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالجعد ، ولا بالسبط ، في عينيه حمرة ، مشرب اللون ، فإن كان هو الذي دعاكم فأجيبوه ، وادخلوا في دينه ، فإنا نحسده ، فلا نتبعه ، ولنا منه في مواطن بلاء عظيم ، ولا يبقى أحد من العرب إلا اتبعه أو قاتله ، فكونوا ممن يتبعه ، فقال ميسرة : يا قوم إن هذا الأمر بين ، قال القوم : نرجع إلى الموسم فنلقاه ، فرجعوا إلى بلادهم ، وأبى ذاك عليهم رجالهم ، فلم يتبعه أحد منهم ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وحج حجة الوداع لقيه ميسرة فعرفه ، فقال : يا رسول الله ، والله ما زلت حريصا على اتباعك من يوم أنخت بنا ، حتى كان ما كان ، وأبى الله إلا ما ترى من تأخير إسلامي ، وقد مات عامة النفر الذين كانوا معي ، فأين مدخلهم يا نبي الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل من مات على غير دين الإسلام ، فهو في النار ، فقال : الحمد لله الذي أنقذني ، فأسلم فحسن إسلامه ، وكان له عند أبي بكر مكان - لفظ الحسن بن الجهم - . [ ص: 295 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية