الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
42 - حدثنا حبيب بن الحسن ، قال : ثنا ابن يحيى المروزي ، قال : ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، قال : ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن شيخ من بني قريظة قال : " هل تدري ما كان علامة إسلام ثعلبة بن سعنة ، وأسيد بن سعنة ، وأسد بن عبيد ؟ نفر من بني ذهل ، ليسوا من بني قريظة ولا بني نضير ، نسبهم من بني ذهل أو ذهيل ، أتوا بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم ، ثم كانوا سادتهم في الإسلام ، قال : قلت : لا ، قال : فإن رجلا من يهود أهل الشام يقال له : ابن الهيبان ، قدم علينا قبل الإسلام بسنوات فحل بين أظهرنا ، والله ما رأينا رجلا قط يصلي الخمس أفضل منه ، فأقام عندنا ، فكنا إذا قحط المطر قلنا له : يا ابن الهيبان ، قم ، فاستسق لنا ، فيقول : لا ، والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة ، فيقولون : كم ؟ فيقول : صاعا تمرا ، ومدا من شعير عن كل إنسان ، قال : فنخرجها ، فيخرج بنا إلى ظاهر حرتنا ، فيستسقي لنا ، فوالله ما يبرح من مجلسه حتى يمر السحاب السراح سائلة ، ونسقى به ، ففعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثا : ثم حضرته الوفاة ، فلما عرف أنه ميت قال : يا معشر يهود ، ما ترونه أخرجني من [ ص: 82 ] أرض الخمر والخمير إلى أرض الجوع والبؤس ؟ قال : قلنا : الله أعلم ، قال : فإني قدمت إلى هذا البلد لتوكف خروج نبي قد أظل زمانه ، هذه البلدة مهاجره ، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه ، وقد أظلكم زمانه ، فلا يسبقنكم إليه يا معاشر اليهود أحد ، فإنه يبعث بسفك الدماء ، وسبي الذراري والنساء ممن خالفه ، فلا يمنعكم ذلك منه .

فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة ، قال هؤلاء الفتية ، وكانوا شبابا أحداثا : يا بني قريظة ، والله إنه للنبي الذي عهد إليكم ابن الهيبان ، فقالوا : ليس به ، قالوا : بلى ، والله إنه لهو بصفته ، ونزلوا وأسلموا ، فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم " .


التالي السابق


الخدمات العلمية