الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
327 - حدثنا عبد الله بن محمد ثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أبو بكر بن عاصم [ ص: 420 ] قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا المحاربي عبد الرحمن بن محمد عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال : قلت لجابر بن عبد الله حدثني بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرويه عنك فقال جابر رضي الله عنه : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق نحفر فيه فلبثنا ثلاثة أيام لا نطعم شيئا ولا نقدر عليه ، فعرضت في الخندق كدية ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذه كدية قد عرضت في الخندق فرششنا عليها الماء ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوب بحجر ، فأخذ المعول أو المسحاة ثم سمى ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل ، فلما رأيت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ائذن لي ، فأذن لي فجئت امرأتي فقلت : ثكلتك أمك ، إني رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا صبر عليه ، فما عندك ؟ فقالت عندي شعير وعناق ، فطحنا الشعير وذبحنا العناق وأصلحناها وجعلناها في البرمة وعجنت الشعير ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبثت ساعة ، ثم استأذنته الثانية فأذن لي ، فجئت فإذا العجين قد أمكن ، فأمرتها بالخبز ، وجعلت القدر على الأثافي ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت : إن عندنا طعيما لنا فإن رأيت أن تقوم معي أنت ورجل أو رجلان معك فعلت ، قال : ما هو ؟ وكم هو ؟ قلت : صاع من شعير وعناق ، قال : ارجع إلى أهلك وقل لها لا تنزعي البرمة من الأثافي ولا تخرجي الخبز من التنور حتى آتي ، ثم قال للناس : قوموا إلى بيت جابر ، قال ، فاستحييت حياء لا يعلمه [ ص: 421 ] إلا الله ، فقلت لامرأتي ثكلتك أمك ، قد جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه أجمعين ، فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سألك كم الطعام ؟ قلت : نعم قالت : فالله ورسوله أعلم ، قد أخبرته بما كان عندنا ، قال ، فذهب عني ما كنت أجد فقلت : صدقت ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لأصحابه لا تضاغطوا قال ، ثم برك على التنور وعلى البرمة فنثرد ونغرف ونقرب إليهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليجلس على الصحفة سبعة أو ثمانية قال ، فلما أكلنا كشفنا التنور والبرمة فإذا هما قد عادا إلى أملإ مما كانا ، فنثرد لهم ونغرف ونقرب إليهم ، فلم نزل نفعل ذلك ، كلما فتحنا التنور وكشفنا عن البرمة وجدناهما أملأ مما كان ، حتى شبع المسلمون كلهم ، وبقي طائفة من الطعام ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس قد أصابتهم مخمصة فكلوا وأطعموا ، فلم نزل يومنا نأكل ونطعم . فأخبرني أنهم كانوا ثمانمائة أو ثلاثمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية