الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
449 - أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن [ ص: 521 ] الفرج ثنا محمد بن عمر الواقدي حدثني ابن أبي سبرة عن موسى بن سعيد عن العرباض بن سارية قال :

كنت ألزم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر وفي السفر ، فرأينا ليلة نحن بتبوك قد بلينا بحاجة ، ورجعنا إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بعثني ومن عنده من أضيافه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يدخل قبته ومعه زوجته أم سلمة ، فلما طلعت عليه قال : أين كنت منذ الليلة ، فأخبرته ، فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني ، فكنا ثلاثة كلنا جياع ، إنما نعيش بباب النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب شيئا نأكله ، فلم يجد ، فخرج إلينا فنادى بلالا ، " يا بلال ، هل من عشاء لهؤلاء النفر ؟ " قال : والذي بعثك بالحق نفضنا جربنا وحميتنا قال : انظر عسى أن تجد شيئا ، فأخذ الجرب ينفضها جرابا جرابا ، فتقع التمرة والتمرات حتى رأيت في يده سبع تمرات ، ثم دعا بصحفة فوضع التمر فيها ، ثم وضع يده على التمرات ، فسمى الله ، فقال : " كلوا بسم الله فأكلنا فأحصيت أربعا وخمسين تمرة أعدها عدا ، ونواها في يدي الأخرى وصاحباي يصنعان مثل ما أصنع فشبعنا ، فأكل كل واحد منا خمسين ، ثم إذا رفعنا أيدينا إذ التمرات السبع كما هي ، فقال : يا بلال ارفعها ، فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل منها شبعا ، قال : فبينا نحن حول قبة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يتهجد من الليل ، فقام تلك الليلة يصلي ، فلما طلع الفجر قام وركع ركعتي الفجر ، فأذن بلال وأقام ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ، ثم انصرف إلى فناء قبته فجلس ، وجلسنا حوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لكم في الغداء ؟ قال العرباض : فجعلت أقول في نفسي : أي غداء ؟ فدعا بلالا بالتمرات ، فوضع يده عليهن في الصحفة [ ص: 522 ] ثم قال : كلوا بسم الله ، فأكلنا - والذي بعثه بالحق - حتى شبعنا ، وإنا لعشرة ، ثم رفعوا أيديهم منها شبعا ، وإذا التمرات كما هي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أني أستحي من ربي لأكلنا من هذه التمرات حتى نرد المدينة من آخرنا ، فطلع عليهم غلام ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم التمرات بيده فدفعها إليه ، فولى الغلام يلوكهن .

التالي السابق


الخدمات العلمية