الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
240 - حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن عبد الله بن شداد : [ ص: 347 ] عن دحية الكلبي قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم معي بكتاب إلى قيصر ، فقمت بالباب وقلت : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففزعوا لذلك ، فدخل عليه الآذن فقال : هذا رجل بالباب يزعم أنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي ، فدخلت عليه ، فأعطيته الكتاب فقرئ عليه فإذا فيه : (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم ) قال ابن أخ له أحمر أزرق سبط الشعر ، قد نخر ، ثم قال : لم لم يكتب إلى ملك الروم ولم يبدأ بك ؟ فلا تقرأ كتابه اليوم ، فقال لهم : أخرجوه ، ودعا بالأسقف ، وكانوا يصدرون عن رأيه فيقبلون قوله ، فلما قرأ عليه الكتاب قال : هو والله رسول الله الذي بشرنا به موسى وعيسى عليهما السلام ، قال : فأي شيء ترى ؟ قال : أرى أن تتبعوه ، قال قيصر : وأنا أعلم ما تقول ، ولكني لا أستطيع أن أتبعه فيذهب ملكي فيقتلني الروم .

وفي رواية محمد بن أبي علي ، ثم دعاني فقال : بلغ صاحبك أني أعلم أنه نبي ، ولكن لا أترك ملكي .

ثم أخذ الكتاب فوضعه على رأسه وقبله وطواه في الديباج والحرير وجعله في سفط ، وأما الأسقف فإن النصارى كانوا يجتمعون إليه في كل أحد ، فيخرج إليهم ويذكرهم ويقص عليهم ، ثم يدخل فيقعد إلى يوم الأحد ، فكنت أدخل عليه فيسألني فلما جاء الأحد انتظروه يخرج إليهم ، فلم يخرج ، واعتل عليهم بالمرض ، ففعل ذلك مرارا حتى كان آخر ذلك أن حضروا ، ثم بعثوا إليه لتخرجن أو لندخلن عليك ، فإنا قد أنكرناك منذ قدم هذا العربي ، قال دحية : فبعث الأسقف إلي فقال : اذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه السلام وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن عيسى عبد الله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم ، وأنه ابن العذراء البتول ، فقتلوه . ، ثم رجع دحية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 348 ] فأخبره . فوجد عنده رسل عامل كسرى على صنعاء ، بعث إليه بكتاب ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى كسرى بكتاب ، وكتب كسرى إلى صاحبه بصنعاء يتوعده ويقول : ألا تكفيني رجلا بأرضك يدعوني إلى دينه أو أؤدي الجزية وأنا صاغر ، فإن لم أفعل قاتلني ، فإن ظهر علي قتل المقاتلة وسبى الذرية ، لتكفنيه أو لأفعلن بك . فبعث صاحب صنعاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب صاحبهم تركهم خمس عشرة ليلة لا يكلمهم ولا ينظر إليهم إلا إعراضا . فلما مضت خمس عشرة ليلة تقدموا إليه ، فلما رآهم دعاهم وقال : اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا إن ربي قتل ربك الليلة ، فانطلقوا فأخبروه بالذي صنع ، وبالذي قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم صاحبهم تحفظون تلك الليلة ؟ قالوا : نعم ، ليلة كذا وكذا ، وقال : أخبروني كيف رأيتموه ؟ قالوا : ما رأينا ملكا أهيب منه ، لا يخاف شيئا ، آمنا لا يحرس ، ولا يرفع أصحابه أصواتهم عنده .

قال دحية : ، ثم جاء الخبر بأن كسرى قتل تلك الليلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية