الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
320 - حدثنا أبو أحمد ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة والمطرز قالا ثنا بندار ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب وسهل بن يوسف قالوا [ ص: 411 ] كلهم ثنا عوف قال حدثني أبو رجاء قال ثنا عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم فسرنا ليلة ، حتى إذا كنا آخر الليل قبيل الصبح وقعنا تلك الوقعة ، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها ، فما أيقظنا إلا حر الشمس ، وكان أول من استيقظ بلال ثم فلان وفلان ، وسماهم ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لا نوقظه حتى يكون هو الذي يستيقظ ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه ، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس ، وكان رجلا جليدا ، فكبر ورفع صوته بالتكبير ، فما زال يكبر ويرفع صوته حتى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوته فشكا إليه القوم الذي أصابهم ، قال لا ضير ارتحلوا ، فارتحل القوم ، فسار غير بعيد ثم نزل ، فدعا بوضوء فتوضأ ، ثم نودي بالصلاة ، فصلى بالناس ، وانفتل من صلاته ، وإذا رجل معتزل لم يصل مع القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء ، قال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك ، ثم سار ، فاشتكى الناس إليه العطش ، فنزل فدعا فلانا ، قد سماه أبو رجاء - نسيه عوف - ، ودعا علي بن أبي طالب فقال لهما : اذهبا فابغيا الماء ، فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها ، فانطلقا ، فقالا لها : أين الماء ، فقالت : عهدي به أمس هذه الساعة ، فقال لها : انطلقي ، فقالت : إلى أين ؟ فقال : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : هذا الذي يقال له الصابئ ؟ فقالا : هو الذي تعنين ، فانطلقي ، فجاءا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثاه الحديث فاستنزلوها عن بعيرها ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فجعل فيه أفواه السطيحتين أو المزادتين ، ثم تمضمض فأعاده في الإناء ، ثم أعاده في أفواه [ ص: 412 ] السطيحتين أو المزادتين ، ثم أوثق أفواههما ، وأطلق العزالي ونودي في الناس أن اسقوا واستقوا ، فسقى من شاء واستقى من شاء ، فكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته جنابة وقال : اذهب فأفرغه عليك ، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها ، وأيم الله لقد أوكأتهما حين أقلع وإنه ليخيل إلينا أنهما أشد امتلاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجمعوا لها ، فجمعوا لها ما بين عجوة وسويقة ودقيقة ، حتى جمعوا لها طعاما في ثوب ، وحملوا لها على بعيرها ووضعوه بين يديها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعلمين والله ما رزأناك في مائك شيئا ، ولكن الله هو سقانا " ، فأتت أهلها وقد احتبست عنهم ، فقالوا : يا فلانة ما حبسك ؟ قالت : العجب ، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ ، ففعل كذا وكذا ، الذي كان ، فوالله إنه لأسحر ما بين هذه وهذه - في رواية : وأشارت بيديها إلى السماء والأرض - أو إنه لرسول الله حقا ، فكان المسلمون يغيرون على من حولها من المشركين فلا يصيبون الصرمة التي تليها ، فقالت يوما لقومها : والله ما أرى هؤلاء القوم يدعوننا فهل لكم في الإسلام ؟ فطاوعوها ، فجاؤوا فدخلوا في الإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية