الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
323 - حدثنا محمد بن إبراهيم قال ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا حرملة بن يحيى قال ثنا ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد أن يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري حدثه أنه سمع أنس بن مالك يقول : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم وقد [ ص: 417 ] عصب بطنه بعصابة ، فقال أسامة أنا أشك على حجر . فقلت لبعض أصحابه : " لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه ؟ قال : من الجوع فذهبت إلى أبي طلحة وهو زوج أم سليم بنت ملحان ، فقلت يا أبتاه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه فقال : من الجوع ، فدخل أبو طلحة على أمي فقال : هل عندك من شيء ؟ فقالت : نعم كسر من خبز وتمرات ، فإن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه ، وإن جاء أحد معه قل عنهم ، فقال لي أبو طلحة : اذهب يا أنس فقم قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قام فدعه حتى يتفرق أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه فقل : إن أبي يدعوك ، ففعلت ذلك ، فلما قلت إن أبي يدعوك ، قال لأصحابه : يا هؤلاء تعالوا ، ثم أخذ بيدي فشدها ثم أقبل بأصحابه حتى إذا دنوا من بيتنا أرسل يدي ، فدخلت وأنا حزين لكثرة من جاء به ، فقلت : يا أبتاه قد قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قلت ، فدعا أصحابه وقد جاءك بهم ، فخرج أبو طلحة إليهم ، فقال يا رسول الله إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندي ما يشبع من أرى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك ، فدخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اجمعوا ما عندكم ثم قربوه ، وجلس من معه بالسدة فقربنا ما كان عندنا من خبز وتمر فجعلناه في حصير لنا ، فدعا فيه بالبركة ثم قال : أدخل علي ثمانية ، فأدخلت عليه ثمانية ففعلت ، فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا ، ثم أمرني فأدخلت ثمانية ، وقام الأولون فما زال ذلك أمره حتى دخل عليه ثمانون رجلا ، كلهم يأكل حتى يشبع ، ثم دعاني ودعا أمي وأبا طلحة فقال : كلوا ، فأكلنا حتى شبعنا ، ثم رفع يده ، فقال : يا أم سليم أين هذا من طعامك حين قدمتيه ؟ قالت : بأبي أنت وأمي ، لولا أني رأيتهم يأكلون لقلت ما نقص من طعامنا شيء . [ ص: 418 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية