الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزوة الرجيع :

437 - حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق عن [ ص: 506 ] معمر عن الزهري عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزلوا نزولا ، وذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام ، واقتفوا آثارهم حتى نزلوا منزلا نزلوه ، فوجدوا فيه نوى تمر زودوه من تمر المدينة ، فقالوا : هذا من تمر يثرب ، فاتبعوا أثرهم حتى لحقوهم ، فلما آنسهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجأوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، فقالوا : لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا ، فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا رسولك ، قال ، فقاتلوهم ، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر ، وبقي خبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق إن نزلوا إليهم ، فنزلوا إليهم ، قال ، فلما استمكنوا منهم خلعوا أوتار قسيهم فربطوهم بها ، فقال ، الرجل الثالث الذي معهما هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم ، فجروه ، فأبى أن يتبعهم فضربوا عنقه ، فانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة ، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان قتل خبيب الحارث يوم بدر ، فمكث عندهم أسيرا حتى إذا اجتمعوا على قتله استعار موسى من إحدى بنات الحارث ليستحد بها ، فأعارته ، قالت ، فغفلت [ ص: 507 ] عن صبي لي ، فدرج إليه حتى أتاه ، قالت ، فأخذه ، فوضعه على فخذه ، فلما رأيته فزعت فزعا شديدا عرف في ، والموسى في يده ، فقال : أتخشين أن أقتله ، ما كنت لأفعل إن شاء الله ، قال ، فكانت تقول : ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب ، لقد رأيته يأكل قطفا من عنب وما بمكة يومئذ ثمرة ، وإنه لموثق في الحديد ، وما كان إلا رزقا قد رزقه الله إياه ، ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، فصلى ركعتين وقال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت ، فكان أول من سن الركعتين عند القتل ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، ثم قال :


ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان في الله مصرعي     وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع



ثم قال ، فقام عقبة بن الحارث فقتله .

وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عز وجل عليه مثل الظلة من الدبر ، فحمته من رسلهم فلم يقدروا على شيء منه .


التالي السابق


الخدمات العلمية