الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          6771 - (م د ت س) : وهيب بن الورد بن أبي الورد القرشي ، أبو عثمان ، ويقال : أبو أمية المكي ، مولى بني مخزوم أخو عبد الجبار بن الورد ، واسمه عبد الوهاب ، وهيب لقب غلب عليه ، وقيل : وهيب وعبد الوهاب أخوان ، والأول أشهر .

                                                                          روى عن : الحسن بن كثير صاحب عكرمة بن خالد المخزومي ، وحميد بن قيس الأعرج ، وداود بن شابور ، وسفيان الثوري ، وسلم بن بشير بن جحل البصري ، وعطاء بن أبي رباح يقال : مرسلا ، وعطارد صاحب ابن عمر ، وعمر بن محمد بن المنكدر (م د س) ، وعن محمد بن زهير عن ابن عمر ، وعن محمد بن عثمان عن الحسن البصري ، وعن أبي منصور عن أنس بن مالك ، عن رجل من أهل المدينة (ت) عن عائشة .

                                                                          [ ص: 170 ]

                                                                          روى عنه : أبو أحمد إدريس بن محمد الروذي ، وبشر بن منصور السليمي ، والحسن بن رشيد ، وخالد بن يزيد العمري ، وزافر بن سليمان ، والسري بن يحيى ، وعبد الله بن عيسى ، وعبد الله بن المبارك (م د ت س) ، وعبد الرزاق بن همام ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، وفضيل بن عياض ، ومحمد بن عبد الوهاب القناد السكري ، وأبو وهب محمد بن مزاحم المروزي ، ومحمد بن يزيد بن خنيس المكي .

                                                                          قال عباس الدوري ، وأبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين ، وأبو عبد الرحمن النسائي : ثقة .

                                                                          وقال النسائي في موضع آخر : ليس به بأس .

                                                                          وقال أبو حاتم : كان من العباد ، وكانت له أحاديث ومواعظ وزهد .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " وقال : كان من العباد المتجردين لترك الدنيا والمنافسين في طلب الآخرة .

                                                                          وقال إدريس بن محمد الروذي : ما رأيت رجلا أعبد منه .

                                                                          وقال قتيبة بن سعيد ، عن محمد بن يزيد بن خنيس : كان [ ص: 171 ] الثوري إذا حدث الناس وفرغ من الحديث ، قال : قوموا بنا إلى الطبيب ، يعني : وهيب بن الورد .

                                                                          وقال أبو إسحاق الطالقاني ، عن عبد الله بن المبارك : قيل لوهيب بن الورد : يجد طعم العبادة من يعصي الله ؟ قال : لا ، ولا من يهم بمعصية .

                                                                          وقال الحسن بن الربيع البوراني ، عن عبد الله بن المبارك : كان ابن أبي رواد يتكلم ودموعه تسيل على خده ، وكان وهيب يتكلم والدموع تقطر من عينيه .

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن محمد بن يزيد بن خنيس : قال وهيب بن الورد : عجبا للعالم كيف تجيبه دواعي قلبه إلى ارتياح المضحك ، وقد علم أن له في القيامة روعات ، ووقفات ، وفزعات . قال : ثم غشي عليه .

                                                                          وقال بشر بن منصور السليمي ، عن وهيب بن الورد : قال يحيى لعيسى عليهما السلام : يا روح الله ما أشد ما خلق الله ؟ قال : غضب الله . قال : فأخبرني عن شيء أتقي به غضب الله ؟ قال : لا تغضب .

                                                                          وقال الحسن بن عبد الرحمن : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن وهيب بن الورد ، قال : بينا أنا واقف في بطن الوادي إذا أنا برجل قد أخذ بمنكبي ، فقال : يا وهيب خف الله لقدرته عليك ، واستحي [ ص: 172 ] منه لقربه منك ، قال : فالتفت فما رأيت أحدا .

                                                                          وقال عبد الله بن خبيق الأنطاكي ، عن بشر بن الحارث : أربعة رفعهم الله بطيب المطعم : وهيب بن الورد ، وإبراهيم بن أدهم ، ويوسف بن أسباط ، وسلم الخواص .

                                                                          وقال موسى بن أيوب النصيبي ، عن ضمرة بن ربيعة : قال وهيب المكي : الزهد في الدنيا أن لا تأسى على ما فاتك منها ، ولا تفرح بما أتاك منها .

                                                                          وقال حبان بن موسى : حدثنا عبد الله بن المبارك عن وهيب ، قال : إن استطعت أن لا يستبقك إلى الله أحد فافعل .

                                                                          وقال هارون بن عبد الله ، عن محمد بن يزيد بن خنيس : قال وهيب بن الورد : لو أن علماءنا عفا الله عنهم نصحوا الله في عباده ، فقالوا : عباد الله اسمعوا ما نخبركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وصالح سلفكم من الزهد في الدنيا فاعملوا به ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفسلة ، كانوا قد نصحوا الله في عباده ، ولكنهم يأبون إلا أن يجروا عباد الله إلى فتنتهم وما هم فيه .

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني أيضا ، عن محمد بن يزيد بن خنيس : حلف وهيب أن لا يراه الله ولا أحد من خلقه [ ص: 173 ]

                                                                          ضاحكا حتى يأتيه الرسل من قبل الله عز وجل عند الموت فيخبرونه بمنزلته عند الله . قال : وكانوا يرون له الرؤيا أنه من أهل الجنة ، فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه ، وقال : قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان . قال : فسمعوه عند الموت يقول : وفيت لي ولم أف لك .

                                                                          وقال عبيد الله بن محمد بن خنيس ، عن أبيه ، عن وهيب بن الورد : يقال : لمظ العابدون بحلاوة العبادة ، فتجشموا لذلك ركوب البحار والتسيار في المفاوز ، والله لهي أحلى عندي من العسل ، يعني : العبادة .

                                                                          وقال عبد الله بن المبارك ، عن وهيب بن الورد : قال عيسى عليه السلام : حب الفردوس وخشية جهنم يورثان الصبر على المشقة ، ويباعدان العبد من راحة الدنيا .

                                                                          وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن علي بن إسحاق : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن الورد ، وهو وهيب بن الورد ، واسمه عبد الوهاب . قال : قال سعيد بن المسيب : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أخبرني بجلساء الله يوم القيامة ، قال : " هم الخائفون ، الخاضعون ، المتواضعون ، الذاكرون الله كثيرا " .

                                                                          وقال محمد بن عبد المجيد التميمي ، عن سفيان بن عيينة : [ ص: 174 ] رأى وهيب بن الورد قوما يضحكون يوم الفطر ، فقال : إن كان هؤلاء يقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين ، وإن كان هؤلاء لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين .

                                                                          وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن محمد بن يزيد بن خنيس ، عن وهيب بن الورد : لقي رجل عالم رجلا عالما هو فوقه في العلم ، فقال له : يرحمك الله أخبرني عن هذا البناء الذي لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : ما سترك من الشمس وأكنك من المطر .

                                                                          قال : يرحمك الله فأخبرني عن هذا الطعام الذي لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : ما سد الجوع ودون الشبع ، قال : فأخبرني يرحمك الله عن هذا اللباس الذي لا إسراف فيه . قال : ما ستر عورتك وأدفاك من البرد . قال : فأخبرني يرحمك الله عن هذا الضحك الذي لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : التبسم ولا يسمع لك صوت . قال : يرحمك الله فأخبرني عن هذا البكاء الذي لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : لا تملن من كثرة البكاء من خشية الله عز وجل . قال : يرحمك الله فما الذي أخفي من عملي ؟ قال : ما يظن بك أنك لم تعمل حسنة قط إلا أداء الفرائض . قال : يرحمك الله فما الذي أعلن من عملي ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده ، وقد قيل فيقول الله عز وجل : وجعلني مباركا أين ما كنت قيل : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان .

                                                                          [ ص: 175 ]

                                                                          قال أبو حاتم بن حبان : مات سنة ثلاث وخمسين ومائة .

                                                                          روى له مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية