الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6885 - (خ م د) : يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي ، أبو عروة المدني ، أخو هشام بن عروة وإخوته .

                                                                          روى عن : أبيه عروة بن الزبير (خ م د) .

                                                                          روى عنه : أيوب السختياني ، والضحاك بن عثمان الحزامي ، [ ص: 467 ] ومحمد بن إسحاق بن يسار (خت د) ، ومحمد بن عجلان ، ومحمد بن عقبة أخو موسى بن عقبة ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (خ م) ، وابنه محمد بن يحيى بن عروة ، وأخوه هشام بن عروة .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة ، وقال : أمه أم يحيى بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ، وكان قليل الحديث .

                                                                          وذكره خليفة بن خياط في الطبقة السادسة ، وقال : يحيى ومحمد وعثمان بنو عروة بن الزبير ، أمهم أم يحيى بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس .

                                                                          وقال مصعب بن عبد الله الزبيري : يحيى ومحمد وعثمان بنو عروة بن الزبير أمهم أم يحيى بنت الحكم بن أبي العاص ، عمة عبد الملك بن مروان ، وليحيى عقب ، قال يحيى بن عروة : أنا أكرم العرب ، اختلفت العرب في عمي وخالي . يعني عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم .

                                                                          وليس لعثمان ومحمد عقب .

                                                                          وقال أبو حاتم : يقال : كان أعلم من أخيه هشام بن [ ص: 468 ] عروة .

                                                                          وقال النسائي : ثقة .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : حدثني مصعب بن عثمان ، قال : وفد يحيى بن عروة على عبد الملك بن مروان ، فجلس ببابه ، فسمع حاجب عبد الملك يتناول من ابن الزبير ، فضرب يحيى وجه الحاجب ، فأدماه ، فدخل الحاجب على عبد الملك ، فقال : من فعل بك ؟ قال : يحيى بن عروة ، فقال : أدخله . فأدخله وقد استوى عبد الملك على فراشه ، فقال ليحيى : ما حملك على ما صنعت بحاجبي ؟ فقال له يحيى : عمي عبد الله بن الزبير كان أحسن جوارا لعمتك منك لنا ، والله إن كان ليقول لها : " من سب أهلك فسبي أهله " ، وإن كان لينهى حاجبه وعشيرته وحشمه أن يسمعوها فيكم قذعا ، أنا والله المعم المخول ، تفرقت العرب عن عمي وخالي ، فكنت كما قال الشاعر :

                                                                          يداه أصابت هذه حتف هذه فلم تجد الأخرى عليها مقدما



                                                                          قال : فاضطجع عبد الملك ولم يزل ذلك يعرف فيه إكراما ليحيى بن عروة .

                                                                          [ ص: 469 ] قال الزبير بن بكار : وكان من أشراف بني عروة ، وهو يلي عبد الله - يعني ابن عروة - في السن ، وهو الذي يقول :

                                                                          أشرتم بلبس الخر لما لبستم     ومن قيل لا تدرون من فتح القرى
                                                                          قعودا بأبواب الفجاج وخيلنا     تسامي سمام الموت تكدس بالقنا
                                                                          فلما أتاكم فيئنا برماحنا     تكذب مكفي بعيب لمن كفى



                                                                          قال الزبير : أنشدنيها عمي مصعب بن عبد الله ، ومصعب بن عثمان ، ومحمد بن الضحاك .

                                                                          قال الزبير : وأخبرني عثمان بن عبد الرحمن أنه سمع أبي ينشد ليحيى بن عروة بن الزبير :

                                                                          فما صحب النبي مهاجري     ولا الطلقاء والأنصار طرا
                                                                          ينوط بأمنا أما وإنا     لنعلم فيهم حسبا وسرا
                                                                          صفية أمنا كرمت وطابت     وعظمها رسول الله برا
                                                                          عجوز عجائز الفردوس أمي     مهذبة الوشائج هات جرا
                                                                          تخيرت الأبوة في قريش     إلى أن رشحت في المهد صقرا
                                                                          [ ص: 470 ] تفديه بوالدها وتدعو     بأن لا يخذل الرحمن زبرا
                                                                          إلى العوام ينمي يوم بدر     وتعرف نفسه أحدا وبدرا
                                                                          تولى الناس في أحد سراعا     وجالد حسبة منه وصبرا
                                                                          يذب عن النبي بمشرفي     له لم يلق ياسر منه يسرا
                                                                          ويوم الخندق المشهور فيه     أبان فضيلة وأزاح كفرا
                                                                          ويوم الفتح يوم شاد فيه     له ذكر وكان الناس صفرا



                                                                          قال الترمذي ، عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني : حدثنا سفيان عن هشام بن عروة ، قال : خرج عروة بن الزبير إلى الوليد بن عبد الملك فسقط ، يعني : ابنه يحيى بن عروة من ظهر بيت ، فوقع تحت أرجل الدواب فقطعته ، وذكر باقي الحديث .

                                                                          قال الحافظ أبو القاسم : هذا وهم فاحش ، لأن الذي سقط محمد بن عروة لا يحيى ، وقد ذكرنا ذلك من وجوه فيما تقدم - يعني : في ترجمة محمد بن عروة بن الزبير .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : قال إسماعيل بن يسار النساء ، يرثي يحيى بن الزبير ، أنشدني ذلك مصعب بن عثمان : [ ص: 471 ]

                                                                          ألا يا عين فانهمري بغزر     وفيضي عبرة من غير نزر
                                                                          ولا تعدي عزاء بعد يحيى     فقد غلب العزاء وعيل صبري
                                                                          ومرزئة كأن الجوف منها     بعيد النوم يسعر حر جمر
                                                                          على يحيى ، وأي فتى كيحيى     لعان عائل غلق بوتر
                                                                          وللخصم الألد إذا دعاني     ليأخذ حق مقهور بقسر
                                                                          وللأضياف إن طرقوا هدوا     وللكل المكل وكل سفر
                                                                          إذا نزلت بهم سنة جماد     أبي الدر لم تكسع بغفر
                                                                          هنالك كان غيث حيا فلاقت     يداه في جناب غير وعر
                                                                          وأحيا من مخبأة حياء     وأجرأ من أبي شبل هزبر
                                                                          هريت الشدق رئبال إذا ما     عدا لم تنه عدوته بزجر
                                                                          تدين الخادرات له إذا ما     سمعن زئيره في كل فجر
                                                                          فإما يمس في جدث ضريح     بمغبر من الأرواح قفر
                                                                          فقد يعصوصب الجادون منه     بأروع ماجد الأعراق غمر
                                                                          إذا ما الضيف حل إلى ذراه     تلقاه بوجه غير بسر
                                                                          ند صاف يبين العتق فيه     يبين قبل مقذعة ونكر
                                                                          [ ص: 472 ] تفرج بالندى الأبواب عنه     ولا يكتن دونهم بستر
                                                                          دهاني الحادثات به فأمست     علي همومها تغدو وتسري


                                                                          روى له البخاري ، ومسلم ، وأبو داود .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية