الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          6926 - ( ع) : يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام [ ص: 544 ] ابن عبد الرحمن ، وقيل : يحيى بن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام ، وقيل : يحيى بن معين بن عون بن زياد بن نهار بن خيار بن بسطام المري الغطفاني ، أبو زكريا البغدادي الحافظ ، مولى غطفان ،

                                                                          إمام أهل الحديث في زمانه والمشار إليه من بين أقرانه .

                                                                          قال أبو بكر بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : أنا مولى للجنيد بن عبد الرحمن المري .

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : كان إماما ربانيا ، عالما حافظا ، ثبتا ، متقنا .

                                                                          وقال أحمد بن عبد الله العجلي : يحيى بن معين من أهل الأنبار كان أبوه كاتبا لعبد الله بن مالك .

                                                                          روى عن : إسماعيل ابن علية ، وإسماعيل بن عياش ، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد (خ) ، وبهز بن أسد ، وجرير بن [ ص: 545 ] عبد الحميد ، وحاتم بن إسماعيل (مد) ، وحجاج بن محمد الأعور (خ مق د س) ، والحسن بن واقع الرملي ، وحسين بن محمد المروذي (د) ، وحفص بن غياث النخعي (د س) ، وحكام بن سلم الرازي ، وأبي اليمان الحكم بن نافع ، وأبي أسامة حماد بن أسامة (م) ، وحماد بن خالد الخياط (د) ، وروح بن عبادة ، وزكريا بن يحيى بن عمارة ، وسعيد بن أبي مريم المصري ، وسفيان بن عيينة (د س) ، والسكن بن إسماعيل (صد) ، وسوار بن عمارة الرملي ، وشبابة بن سوار ، وعباد بن عباد المهلبي (د) ، وعبد الله بن رجاء المكي (د) ، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن نمير ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، وعبد الرحمن بن غزوان ، المعروف بقراد أبي نوح ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الرزاق بن همام (د) ، وعبد السلام بن حرب الملائي (د) ، وعبد الصمد بن عبد الوارث (د) ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبدة بن سليمان الكلابي ، وعثمان بن صالح السهمي ، وعفان بن مسلم ، وعلي بن عياش الحمصي ، وعلي بن هاشم بن البريد ، وأبي حفص عمر بن عبد الرحمن الأبار (ص) وعمر بن عبيد الطنافسي ، وعمرو بن الربيع بن طارق المصري (د) ، وعيسى بن يونس ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، وقريش بن أنس ، ومحمد بن جعفر غندر (خ م) ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، ومحمد بن أبي عدي (د) ، ومروان بن معاوية الفزاري (م د) ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، ومعن بن عيسى القزاز (كن) ، وهشام بن يوسف الصنعاني (4) ، وهشيم بن بشير ، ووكيع بن الجراح (د) ، ووهب [ ص: 546 ] ابن جرير بن حازم (د) ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة (س) ، ويحيى بن سعيد الأموي ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، وأبي عبيدة الحداد (د) ، وأبي معاوية الضرير .

                                                                          روى عنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي ، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (س) ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي الكبير ، وأحمد بن حنبل ، وأحمد بن أبي الحواري ، وهما من أقرانه ، وأبو بكر أحمد بن أبي خيثمة ، وأبو بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي القاضي (س) ، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، وأحمد بن محمد بن جعفر الطرسوسي (س) ، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار المقرئ ، وأحمد بن محمد بن القاسم بن محرز البغدادي ، وأحمد بن محمد بن يحيى ، وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، وجعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي ، وأبو معين الحسين بن الحسن الرازي ، والحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم ، وحنبل بن إسحاق بن حنبل ، وداود بن رشيد وهو من أقرانه ، وأبو خيثمة زهير بن حرب وهو من أقرانه ، وعباس بن محمد الدوري ، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن شعيب الصابوني ، وعبد الله بن محمد المسندي (خ) وهو من أقرانه ، وعبد الله غير منسوب (خ) قيل إنه ابن حماد الآملي ، وعبد الخالق بن منصور ، والفضل بن سهل الأعرج (مق صد) ، وليث [ ص: 547 ] ابن عبدة المروزي نزيل مصر ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني (ق) ، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي ومات قبله ، ومحمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي (ص) ومحمد بن هارون الفلاس المخرمي ، ومحمد بن وضاح القرطبي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومضر بن محمد الأسدي ، ومعاوية بن صالح الأشعري الدمشقي (س) ، والمفضل بن غسان الغلابي ، وهناد بن السري التميمي (ت) وهو من أقرانه ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ويعقوب بن شيبة السدوسي ، وأبو حاتم الرازي ، وأبو زرعة الرازي ، وأبو زرعة الدمشقي .

                                                                          قال أبو أحمد بن عدي : أخبرني شيخ كاتب ببغداد في حلقة أبي عمران بن الأشيب ذكر أنه ابن عم ليحيى بن معين ، قال : كان معين على خراج الري فمات فخلف لابنه يحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له منه نعل يلبسه .

                                                                          وقال أحمد بن يحيى بن الجارود : قال علي ابن المديني : ما أعلم أحدا كتب ما كتب يحيى بن معين .

                                                                          وقال أبو الحسن ابن البراء : سمعت عليا يقول : لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين :

                                                                          وقال محمد بن علي بن راشد الطبري ، عن محمد بن نصر [ ص: 548 ] الطبري : دخلت على يحيى بن معين فوجدت عنده كذا وكذا سفطا ، يعني دفاتر ، وسمعته يقول : قد كتبت بيدي ألف ألف حديث ، وسمعته يقول : كل حديث لا يوجد ها هنا ، وأشار بيده إلى الأسفاط ، فهو كذب .

                                                                          وقال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله يقول : سمعت أبي يقول : خلف يحيى من الكتب مائة قمطر وأربعة عشر قمطرا ، وأربع حباب شرابية مملوءة كتبا .

                                                                          وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ : ذكر لي أن يحيى بن معين خلف من الكتب لما مات ثلاثين قمطرا وعشرين حبا ، وطلب يحيى بن أكثم كتبه بمائتي دينار فلم يدع أبو خيثمة أن تباع .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : حدثني محمد بن ثابت ، قال : حدثنا موسى بن حمدون ، قال : سمعت أحمد بن عقبة يقول : سألت يحيى بن معين : كم كتبت من الحديث يا أبا زكريا ؟ قال : كتبت بيدي هذه ست مائة ألف حديث . قال أحمد : وإني أظن أن المحدثين قد كتبوا له بأيديهم ست مائة ألف وست مائة ألف .

                                                                          وقال أبو سعيد ابن الأعرابي : حدثنا أبو عبد الله الخياط : قال : حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : كان يحيى بن معين يكتب [ ص: 549 ] الحديث نيفا وخمسين مرة .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه .

                                                                          وقال محمد بن علي بن داود : سمعت ابن معين يقول : أشتهي أن أقع على شيخ ثقة عنده بيت مليء كتبا أكتب عنه وحدي .

                                                                          وروي عن يزيد بن مجالد المعبر ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش .

                                                                          وقال محمد بن سعد : يحيى بن معين ويكنى أبا زكريا ، وقد كان أكثر من كتابة الحديث ، وعرف به ، وكان لا يكاد يحدث .

                                                                          وقال عباس بن محمد الدوري : سمعت يحيى بن معين يقول : كنا بقرية من قرى مصر ولم يكن معنا شيء ، ولا ثم شيء نشتريه ، فلما أصبحنا إذا نحن بزبيل ملئ سمكا مشويا وليس عنده أحد ، فسألوني عنه ، فقلت : اقسموه فكلوه . قال يحيى : أظن أنه رزق رزقهم الله عز وجل .

                                                                          وقال في موضع آخر : سمعت يحيى بن معين يقول : القرآن كلام الله وليس بمخلوق ، سمعت هذا منه مرارا . قال : وسمعت يحيى يقول : الإيمان يزيد وينقص ، وهو قول وعمل .

                                                                          وقال علي بن أحمد بن النضر الأزدي : قال علي ابن المديني : انتهى العلم إلى يحيى بن آدم وبعده إلى يحيى بن معين .

                                                                          [ ص: 550 ] وقال عثمان بن طالوت : سمعت علي ابن المديني يقول : انتهى العلم إلى رجلين : إلى ابن المبارك ، وبعده إلى يحيى بن معين .

                                                                          وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ : سمعت علي ابن المديني يقول : انتهى علم الحجاز إلى الزهري ، وعمرو بن دينار ، وعلم الكوفة إلى الأعمش ، وأبي إسحاق ، وعلم أهل البصرة إلى قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وذكر كلاما ، وقال : ثم وجدت علم هؤلاء انتهى إلى يحيى بن معين .

                                                                          وقال أبو زرعة الرازي ، وأبو قلابة الرقاشي عن علي بن المديني : دار حديث الثقات على ستة فذكرهم ، ثم قال : ما شذ عن هؤلاء يصير إلى اثني عشر فذكرهم ، وقال : ثم صار حديث هؤلاء كلهم إلى يحيى بن معين . قال أبو زرعة : ولم ينتفع به لأنه كان يتكلم في الناس .

                                                                          قال أبو زرعة في حديثه : سمعت علي ابن المديني يقول : دار حديث الثقات على ستة : رجلان بالبصرة ، ورجلان بالكوفة ، ورجلان بالحجاز ، فأما اللذان بالبصرة فقتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وأما اللذان بالكوفة فأبو إسحاق ، والأعمش ، وأما اللذان بالحجاز فالزهري ، وعمرو بن دينار ، قال : ثم صار حديث هؤلاء إلى اثني عشر منهم بالبصرة : سعيد بن أبي عروبة ، وشعبة بن الحجاج ، ومعمر بن راشد ، وحماد بن سلمة ، وجرير بن حازم ، وهشام الدستوائي ، وصار بالكوفة إلى الثوري ، وابن عيينة ، وإسرائيل ، وصار بالحجاز إلى ابن جريج ، ومحمد بن إسحاق ، ومالك . قال [ ص: 551 ] أبو زرعة : فصار حديث هؤلاء كلهم إلى يحيى بن معين .

                                                                          وقال أحمد بن يحيى بن الجارود : قال علي ابن المديني : انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير ، وقتادة ، وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق ، والأعمش ، وانتهى علم الحجاز إلى ابن شهاب ، وعمرو بن دينار . وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلا منهم بالبصرة : سعيد بن أبي عروبة ، وشعبة ، ومعمر ، وحماد بن سلمة ، وأبو عوانة . ومن أهل الكوفة : سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة . ومن أهل الحجاز : إلى مالك بن أنس . ومن أهل الشام : إلى الأوزاعي ، فانتهى علم هؤلاء إلى محمد بن إسحاق ، وهشيم ، ويحيى بن سعيد ، وابن أبي زائدة ، ووكيع ، وابن المبارك وهو أوسع علما ، وابن آدم ، وصار علم هؤلاء جميعا إلى يحيى بن معين .

                                                                          وقال أحمد بن محمد بن الأزهر ، عن عبد الله بن أبي زياد القطواني : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام ، قال : انتهى العلم إلى أربعة : أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل ، أفقههم فيه ، وعلي بن المديني أعلمهم به ، ويحيى بن معين أكتبهم له .

                                                                          وقال محمد بن عمران الكاتب ، عن عمر بن علي : أخبرنا أحمد بن محمد بن المربع ، قال : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : ربانيو الحديث أربعة : فأعلمهم بالحلال والحرام أحمد بن حنبل ، وأحسنهم سياقة للحديث وأداء له علي ابن المديني ، وأحسنهم وضعا لكتاب ابن أبي شيبة ، وأعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه يحيى بن معين

                                                                          [ ص: 552 ] وقال محمد بن طالب بن علي النسفي : سمعت أبا علي صالح بن محمد البغدادي يقول : أعلم من أدركت بالحديث وعلله : علي ابن المديني ، وأفقههم في الحديث أحمد بن حنبل ، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين ، وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة .

                                                                          وقال عبد المؤمن بن خلف النسفي : سألت أبا علي صالح بن محمد : من أعلم بالحديث يحيى بن معين أم أحمد بن حنبل ؟ فقال : أما أحمد فأعلم بالفقه والاختلاف ، وأما يحيى فأعلم بالرجال والكنى .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري : قلت لأبي داود : أيما أعلم بالرجال يحيى أو علي بن عبد الله ؟ قال : يحيى عالم بالرجال ، وليس عند علي من خبر أهل الشام شيء .

                                                                          وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة : سمعت عليا يقول : كنت إذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنة كان الذي يذاكرني أحمد بن حنبل ، فربما اختلفنا في الشيء ، فنسأل أبا زكريا يحيى بن معين ، فيقوم فيخرجه ، ما كان أعرفه بموضع حديثه .

                                                                          وقال أبو الحسن ابن البراء : سمعت علي ابن المديني يقول : ما رأيت يحيى بن معين استفهم حديثا ولا رده .

                                                                          وقال محمد بن أحمد بن أبي مهزول ، عن محمد بن حفص : سمعت عمرا الناقد يقول : ما كان في أصحابنا أحفظ للأبواب من أحمد بن حنبل ، ولا أسرد للحديث من ابن [ ص: 553 ] الشاذكوني ، ولا أعلم بالإسناد من يحيى . ما قدر أحد يقلب عليه إسنادا قط .

                                                                          وقال أبو بكر الإسماعيلي : سئل الفرهياني يعني : عبد الله بن محمد بن سيار عن يحيى بن معين ، وعلي ، وأحمد ، وأبي خيثمة . فقال : أما علي فأعلمهم بالحديث والعلل ، ويحيى أعلمهم بالرجال ، وأحمد بالفقه ، وأبو خيثمة من النبلاء .

                                                                          وقال حنبل بن إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين ، وأحفظنا للأبواب سليمان الشاذكوني ، وكان علي أحفظنا للطوال .

                                                                          وقال عبيد الله بن عمر القواريري : قال لي يحيى بن سعيد القطان : ما قدم علينا مثل هذين الرجلين : أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين .

                                                                          وقال عبد الخالق بن منصور : قلت لابن الرومي : سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى ويقول : حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه . فقال : وما تعجب ؟ سمعت علي ابن المديني يقول : ما رأيت في الناس مثله .

                                                                          وقال أيضا : قلت لابن الرومي : سمعت أبا سعيد الحداد يقول : الناس كلهم عيال على يحيى بن معين . فقال : صدق ، ما في الدنيا أحد مثله سبق الناس إلى هذا الباب الذي هو فيه لم يسبقه إليه أحد ، وأما من يجيء بعده لا ندري كيف يكون .

                                                                          [ ص: 554 ] قال : وسمعت ابن الرومي يقول : ما رأيت أحدا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى ، وغيره كان يتحامل بالقول .

                                                                          وقال هارون بن بشير الرازي : رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعا يديه يقول : اللهم إن كنت تكلمت في رجل وليس هو عندي كذابا فلا تغفر لي .

                                                                          وقال العباس بن إسحاق الصواف : سمعت هارون بن معروف يقول : قدم علينا بعض الشيوخ من الشام ، فكنت أول من بكر عليه ، فدخلت عليه ، فسألته أن يملي علي شيئا ، فأخذ الكتاب يملي علي ، فإذا بإنسان يدق الباب ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أحمد بن حنبل . فأذن له الشيخ على حالته والكتاب في يده لا يتحرك . فإذا بآخر يدق الباب ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أحمد الدورقي ، فأذن له ، والشيخ على حالته والكتاب في يده لا يتحرك . فإذا بآخر يدق الباب ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : عبد الله ابن الرومي . فأذن له ، والشيخ على حالته والكتاب في يده لا يتحرك . فإذا بآخر يدق الباب ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أبو خيثمة زهير بن حرب ، فأذن له ، والشيخ على حالته والكتاب في يده لا يتحرك . فإذا بآخر يدق الباب ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : يحيى بن معين . قال : فرأيت الشيخ ارتعدت يده ثم سقط الكتاب من يده !

                                                                          وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي : سمعت يحيى بن معين [ ص: 555 ] يقول : لما قدم عبد الوهاب بن عطاء أتيته فكتبت عنه ، فبينا أنا عنده إذ أتاه كتاب من أهله من البصرة فقرأه وأجابهم ، فرأيته وقد كتب على ظهره : وقدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين ، والحمد لله رب العالمين .

                                                                          وقال أحمد بن أبي الحواري : ما رأيت أبا مسهر تسهل لأحد من الناس سهولته ليحيى بن معين ، ولقد قال له يوما : هل بقي معك شيء ؟ .

                                                                          وقال عبد الخالق بن منصور أيضا : قلت لابن الرومي : سمعت أبا سعيد الحداد يقول : لولا يحيى بن معين ما كتبت الحديث . فقال لي ابن الرومي : وما تعجب ، فوالله لقد نفعنا الله به ، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته ما لم نكن نحدث به أنفسنا . قلت لابن الرومي : فإن أبا سعيد الحداد حدثني قال : إنا لنذهب إلى المحدث فننظر في كتبه فلا نرى فيها إلا كل حديث صحيح حتى يجيء أبو زكريا فأول شيء يقع في يده يقع الخطأ ، ولولا أنه عرفناه لم نعرفه . فقال لي ابن الرومي : وما تعجب ؟ لقد كنا في مجلس لبعض أصحابنا ، فقلت له : يا أبا زكريا نفيدك حديثا من أحسن حديث يكون ، وفينا يومئذ علي وأحمد وقد سمعوه ، فقال : وما هو ؟ فقلت : حديث كذا وكذا فقال : هذا غلط . فكان كما قال .

                                                                          قال : وسمعت ابن الرومي يقول : كنت عند أحمد فجاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله انظر في هذه الأحاديث فإن فيها خطأ . قال : عليك بأبي زكريا ؛ فإنه يعرف الخطأ .

                                                                          وقال عبد الخالق أيضا : قلت لابن الرومي : حدثني أبو عمرو [ ص: 556 ] أنه سمع أحمد بن حنبل يقول : السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور ، فقال لي : وما تعجب من هذا ، كنت أختلف أنا وأحمد إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي ، ويحيى بالبصرة فقال أحمد : ليت أن يحيى ها هنا . قلت له : وما تصنع به ؟ قال : يعرف الخطأ .

                                                                          وقال علي بن سهل بن المغيرة : سمعت أحمد بن حنبل في دهليز عفان يقول لعبد الله ابن الرومي : ليت أبا زكريا قد قدم ، يعني : ابن معين . فقال له اليمامي : ما تصنع بقدومه ؟ يعيد علينا ما قد سمعنا؟ فقال له أحمد : اسكت هو يعرف خطأ الحديث .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن عباس بن محمد الدوري : رأيت أحمد بن حنبل يسأل يحيى بن معين عند روح بن عبادة من فلان ؟ ما اسم فلان ؟ .

                                                                          وقال أبو العباس الأصم ، عن عباس الدوري : رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح بن عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول له : يا أبا زكريا ، كيف حديث كذا ؟ وكيف حديث كذا ؟ يريد أحمد أن يستثبته في أحاديث قد سمعوها ، كل ما قال : يحيى كتبه أحمد ، وقلما سمعت أحمد بن حنبل يسمي معين باسمه ، إنما كان يقول : قال أبو زكريا ، قال أبو زكريا .

                                                                          وقال الحسين بن إسماعيل الفارسي ، عن أبي مقاتل سليمان بن عبد الله : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ها هنا رجل خلقه الله تعالى لهذا الشأن ، يظهر كذب الكذابين ، يعني : يحيى بن معين .

                                                                          [ ص: 557 ] وقال أبو بكر الأثرم : رأى أحمد بن حنبل يحيى بن معين بصنعاء في زاوية وهو يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس ، فإذا اطلع عليه إنسان كتمه . فقال له أحمد : تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة ؟ فلو قال لك قائل : أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه ؟ فقال : رحمك الله يا أبا عبد الله أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها ، وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل أبان ثابتا ويرويها عن معمر ، عن ثابت عن أنس ، فأقول له : كذبت إنما هو عن معمر ، عن أبان لا عن ثابت .

                                                                          وقال أحمد بن علي الأبار : قال يحيى بن معين : كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور ، وأخرجنا به خبزا نضجا !

                                                                          وقال أبو حاتم الرازي : إذا رأيت البغدادي يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة ، وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب .

                                                                          وقال محمد بن هارون الفلاس : إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب يضع الحديث ، وإنما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين .

                                                                          وقال علي بن الحسين بن حبان : حدثني يحيى الأحول ، قال : تلقينا يحيى بن معين قدومه من مكة ، فسألناه عن حسين بن حبان ، فقال : أحدثكم أنه لما كان بآخر رمق قال لي : يا أبا [ ص: 558 ] زكريا أترى ما هو مكتوب على الخيمة ؟ قلت : ما أرى شيئا . قال بلى أرى مكتوبا : يحيى بن معين يقضي أو يفصل بين الظالمين . قال : ثم خرجت نفسه .

                                                                          وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : أخبرنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البكري ، قال : سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول : صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة ، فقام بين أيديهم قاص ، فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله خلق من كل كلمة منها طير منقاره من ذهب وريشه من مرجان ، وأخذ في قصة نحو من عشرين ورقة ، فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ، ويحيى ينظر إلى أحمد فيقول : أنت حدثته ؟ فيقول : والله ما سمعت به إلا الساعة . قال : فسكتا جميعا حتى فرغ من قصصه وأخذ قطاعهم ، ثم قعد ينتظر بقيتها ، فقال له يحيى بن معين بيده أن تعال ، فجاء متوهما لنوال يجيزه ، فقال له يحيى : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : أحمد بن حنبل ويحيى بن معين . فقال : أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان ولا بد والكذب ، فعلى غيرنا . فقال له : أنت يحيى بن معين ؟ قال : نعم . قال : لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ، ما علمته إلا [ ص: 559 ] الساعة . فقال له يحيى : وكيف علمت أني أحمق ؟ قال : كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما ، كتبت عن سبعة عشر ، أحمد بن حنبل ويحيى بن معين غيركما ! قال : فوضع أحمد كمه على وجهه ، فقال : دعه يقوم . فقام كالمستهزئ بهما .

                                                                          وقال محمد بن رافع النيسابوري : سمعت أحمد بن حنبل يقول : كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث .

                                                                          وفي رواية : فليس هو ثابتا .

                                                                          وقال الحسن بن عليل العنزي : حدثنا يحيى بن معين ، قال : أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا ما أعلمت بها أحدا ، وأعلمته فيما بيني وبينه ، ولقد طلب إلي خلف بن سالم فقال : قل لي أي شيء هي ؟ فما قلت له . وكان يحب أن يجد عليه .

                                                                          قال يحيى : ما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته ، وأحببت أن أزين أمره ، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه ، فإن قبل ذلك مني ، وإلا تركته .

                                                                          وقال جعفر بن عثمان الطيالسي : سمعت يحيى بن معين يقول : أول بركة الحديث إفادته .

                                                                          وقال ابن الغلابي : قال يحيى : إني لأحدث بالحديث فأسهر له مخافة أن أكون قد أخطأت فيه .

                                                                          [ ص: 560 ] وقال بشر بن موسى الأسدي : سمعت يحيى بن معين يقول : ويل للمحدث إذا استضعفه أصحاب الحديث . قلت : يعملون به ماذا ؟ قال : إن كان كودنا سرقوا كتبه ، وأفسدوا حديثه وحبسوه ، وهو حاقن ، حتى يأخذه الحصر فيقتلوه شر قتلة ، وإن كان ذكرا استضعفهم وكانوا بين أمره ونهيه . قلت : وكيف يكون ذكرا ؟ قال : يعرف ما يخرج من رأسه .

                                                                          وقال موسى بن حمدون ، عن أحمد بن عقبة : سمعت يحيى بن معين يقول : من لم يكن سمحا في الحديث كان كذابا . قيل له : وكيف يكون سمحا ؟ قال : إذا شك في الحديث تركه .

                                                                          وقال أحمد بن مروان الدنيوري ، عن جعفر بن أبي عثمان : كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل مستعجل ، فقال : يا أبا زكريا ، حدثني بشيء أذكرك به . فالتفت إليه يحيى ، فقال : اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل .

                                                                          وقال عباس بن محمد الدوري : سئل يحيى بن معين عن الرؤوس ، فقال : ثلاثة بين اثنين صالح .

                                                                          وقال القاسم بن صفوان البردعي : سمعت عبد الله بن أحمد يقول : قلت ليحيى بن معين : ما تقول في رأسين بين ثلاثة ؟ قال : إذا كان واحدا تم .

                                                                          [ ص: 561 ] وقال أبو بكر بن أبي داود ، عن أبيه : سمعت يحيى بن معين يقول : أكلت عجينة خبز وأنا ناقه من علة .

                                                                          وقال الحسين بن محمد بن فهم : سمعت يحيى بن معين وذكر عنده حسن الجواري . قال : كنت بمصر فرأيت جارية بيعت بألف دينار ما رأيت أحسن منها صلى الله عليها . فقلت : يا أبا زكريا مثلك يقول هذا ؟ قال : نعم . صلى الله عليها وعلى كل مليح !

                                                                          وقال عباس الدوري : سمعت يحيى يقول في تفسير : " إن سأل الرجل امرأته وهي على قتب فلا تمنعه " قال يحيى : كانت المرأة في الجاهلية إذا أرادت أن تلد تقعد على قتب يكون أسرع لولادتها . فقال : إن سألها وهي على هذه الحال فلا تمنعه .

                                                                          وقال عباس أيضا : سمعت يحيى يقول : لست أعجب ممن يحدث فيخطئ ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب .

                                                                          وقال أيضا : سمعت يحيى يقول لحبى امرأة من أهل المدينة : أي الرجال أعجب إلى النساء ؟ قالت : الذين تشبه خدودهم خدود النساء .

                                                                          وقال أيضا : قال يحيى في زكاة الفطر : لا بأس أن تعطى فضة .

                                                                          وقال أيضا : سألت يحيى عن رجل ينسى وتره ، قال : [ ص: 562 ] يقضيه . قال يحيى : وركعتي الفجر يقضيهما . قلت ليحيى : فإن جاء والإمام في صلاة الصبح كيف يصنع ؟ قال : إذا جاء إلى المسجد ولم يركع دخل مع الإمام وأخر ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس . قلت : فلم لا يصليهما حين يسلم الإمام ؟ قال : إن فعل لم أر عليه شيئا وأحب إلي إذا طلعت الشمس .

                                                                          وقال : قال يحيى في الرجل يصلي خلف الصف وحده ، قال : يعيد .

                                                                          وقال : قال يحيى في الرجل يصلي ، يعني بالقوم ، وهو على غير وضوء ، أو هو جنب . قال : يعيد ولا يعيدون .

                                                                          وقال : سألت يحيى عن وتره ، فقال : أنا أوتر كل ليلة بثلاث ، أقرأ فيها بسبح اسم ربك الأعلى ، وقل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد ، ولا أقنت إلا في النصف الأخير من شهر رمضان ، وإذا قنت في النصف رفعت يدي .

                                                                          قال : وسألت يحيى عن رجل يقول : كل امرأة أتزوجها فهي طالق . قال : ليس بشيء .

                                                                          وقال : قال يحيى : لا أرى المسح على العمامة .

                                                                          وقال : سمعت يحيى يقول : لا أرى الصلاة على الرجل يموت بغير البلد ، كان يحيى يوهن هذا الحديث .

                                                                          وقال : قال يحيى : ولا أرى أن يهب الرجل بنته بلا مهر ، ولا أن يزوجها على سورة من القرآن ، ورأيت يحيى يوهن هذه [ ص: 563 ] الأحاديث .

                                                                          وقال : قلت ليحيى : امرأة ملكت أمرها رجلا فأنكحها ؟ قال : لا ، تذهب إلى القاضي ، قلت : فإن لم يكن في البلد قاض ؟ قال : تذهب إلى الوالي .

                                                                          وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي : أنشدنا يحيى بن معين :

                                                                          أخلاء الرجال هم كثير ولكن في البلاء هم قليل     فلا يغررك خلة من تؤاخي
                                                                          فما لك عند نابية خليل     سوى رجل له حسب ودين
                                                                          لما قد قاله يوما فعول



                                                                          وقال داود بن رشيد : أنشدني يحيى بن معين :

                                                                          المال يذهب حله وحرامه     يوما وتبقى في غد آثامه
                                                                          ليس التقي بمتق لإلهه     حتى يطيب شرابه وطعامه
                                                                          ويطيب ما يحوي وتكسب كفه     ويكون في حسن الحديث كلامه
                                                                          نطق النبي لنا به عن ربه     فعلى النبي صلاته وسلامه



                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، وأحمد بن شيبان ، وزينب بنت مكي قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله ابن الزاغوني ، وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي قالا : أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحربي قال : حدثنا أبو القاسم عيسى بن سليمان القرشي قال : أنشدني داود بن رشيد قال : أنشدني يحيى بن معين فذكره .

                                                                          وقال سعيد بن عمرو البردعي : سمعت أبا زرعة ، يعني : [ ص: 564 ] الرازي ، يقول : كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار ولا عن يحيى بن معين ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب .

                                                                          وقال أبو بكر ابن المقرئ : سمعت محمد بن عقيل البغدادي ، يقول : قال إبراهيم بن هانئ : رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين ، فقلت : تقع في مثل يحيى بن معين ؟ فقال : من جر ذيول الناس جروا ذيله .

                                                                          وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي : سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه ، يقول : سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مائتي سنة . قال ابن مهرويه : فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب " الجرح والتعديل " فحدثته بهذه الحكاية فبكى ، وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده ، وجعل يبكي ، ويستعيدني الحكاية ، أو كما قال .

                                                                          قال أبو زرعة الدمشقي : قال يحيى بن معين : ولدت سنة ثمان وخمسين ومائة ، موت أبي جعفر .

                                                                          [ ص: 565 ] وقال أيضا : سمعت أبا مسهر يسأل يحيى بن معين في سنة أربع عشرة ومائتين عن سنه ، فقال : أنا ابن ست وخمسين سنة .

                                                                          وقال الحسين بن محمد بن فهم : سمعت يحيى بن معين يقول : ولدت في خلافة أبي جعفر سنة ثمان وخمسين ومائة في آخرها .

                                                                          وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة : ولد يحيى بن معين سنة ثمان وخمسين ومائة ، ومات بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ، وقد استوفى خمسا وسبعين سنة ودخل في الست ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه صاحب الشرطة .

                                                                          وقال البخاري : مات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وغسل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم ، وله سبع وسبعون سنة إلا نحوا من عشرة أيام .

                                                                          وقال عباس بن محمد الدوري : مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ، وكان قد بلغ سنه سبعا وسبعين إلا عشرة أيام ، أو نحوه .

                                                                          وقال في موضع آخر : مات بالمدينة في أيام الحج قبل أن يحج سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ، وصلى عليه والي المدينة ، وكلم الحزامي الوالي فأخرجوا له سرير النبي صلى الله عليه وسلم فحمل عليه ، وصلى عليه الوالي ، ثم صلي عليه مرارا بعد ذلك ، ومات وله سبع وسبعون سنة إلا أيام .

                                                                          وقال أحمد بن بشير الطيالسي : مات سنة ثلاث وثلاثين [ ص: 566 ] ومائتين وهو حاج بالمدينة ذاهبا قبل أن يحج لتسع أو لسبع ليال بقين من ذي القعدة .

                                                                          وقال أبو سعيد بن يونس : يقال : إنه من أهل الأنبار ، ويقال : إن أصله خراساني قدم مصر ، وكتب بها ، وكتب عنه سنة ثلاث عشرة ومائتين ، ورجع إلى العراق ثم انتقل إلى المدينة ، وكانت وفاته بها يوم السبت لست إن بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين .

                                                                          وقال أبو حسان مهيب بن سليم البخاري : سمعت محمد بن يوسف البخاري ، والد أبي ذر يقول : كنت في الصحبة في طريق الحج مع يحيى بن معين فدخلنا المدينة ليلة الجمعة ، ومات من ليلته ، فلما أصبحنا تسامع الناس بقدوم يحيى وبموته ، فاجتمع العامة ، وجاءت بنو هاشم فقالوا : نخرج له الأعواد التي غسل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فكره العامة ذلك ، وكثر الكلام ، فقالت بنو هاشم : نحن أولى بالنبي صلى الله عليه وسلم منكم ، وهو أهل أن يغسل عليها ، فأخرج الأعواد ، وغسل عليها ، ودفن يوم الجمعة في شهر ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين . قال أبو حسان : وهي السنة التي ولدت فيها .

                                                                          وقال خليفة بن خياط ، وأبو حاتم الرازي ، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وعلي بن أحمد بن النضر الأزدي في آخرين : مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين .

                                                                          وقال عباس الدوري في موضع آخر : مات بالمدينة فحمل على أعواد النبي - صلى الله عليه وسلم - ونودي بين يديه : هذا الذي كان ينفي الكذب [ ص: 567 ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال محمد بن إسماعيل الصائغ المكي : مات بالمدينة وحمل على سرير النبي صلى الله عليه وسلم . قال إبراهيم بن المنذر : فرأى رجل في المنام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مجتمعين ، قيل لهم : ما لكم مجتمعين ؟ فقال : جئت لهذا الرجل أصلي عليه ، فإنه كان يذب الكذب عن حديثي .

                                                                          وقال جعفر بن محمد بن كزال : كنت مع يحيى بن معين بالمدينة فمرض مرضه الذي مات فيه ، وتوفي بالمدينة ، فحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل ينادي بين يديه : هذا الذي كان ينفي الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال أحمد بن كامل القاضي ، عن أحمد بن محمد بن غالب : لما مات يحيى بن معين نادى إبراهيم بن المنذر الحزامي : من أراد أن يشهد جنازة المأمون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فليشهد .

                                                                          وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، عن حبيش بن مبشر الفقيه : رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء ، ومهد لي بين المصراعين .

                                                                          وقال الحسين بن عبيد الله الأبزاري ، عن حبيش بن مبشر : رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : مهد لي بين المصراعين - يعني ما بين بابي الجنة - قال : ثم ضرب [ ص: 568 ] بيده إلى كمه فأخرج درجا ، يعني : فقال : إنما نلنا ما نلنا بهذا ، يعني : كتابة الحديث .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني محمد بن أحمد ، قال : قال حبيش بن مبشر : رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي ، وأعطاني ، وحباني ، وزوجني ثلاثمائة حوراء ، وأدخلني عليه مرتين .

                                                                          وقال موسى بن هارون الزيات : حدثني عبد الله بن أحمد قال : قال بعض المحدثين في يحيى بن معين :

                                                                          ذهب العليم بعيب كل محدث     وبكل مختلف من الإسناد
                                                                          وبكل وهم في الحديث ومشكل     يعني به علماء كل بلاد

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه محمد بن سعد كاتب الواقدي ، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار ، وبين وفاتيهما خمس وتسعون سنة أو أكثر ، وحدث عنه هناد بن السري ، وبين وفاته ووفاة التمار اثنتان وثمانون سنة أو أكثر .

                                                                          وروى له الباقون .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية